للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنهُ إزالةُ مِلكٍ يَصحُّ تَعليقُه بالصِّفاتِ، فمتى عَلَّقَه بصِفةٍ لم يقَعْ قبْلَها كالعِتقِ، ولأنهُ تَعليقٌ للطَّلاقِ بصِفةٍ لم تُوجَدْ فلم يَقعْ، كما لو قالَ: «أنتِ طالِقٌ إذا قَدِمَ الحاجُّ»، وليسَ هذا تَوقيتًا للنِّكاحِ، وإنَّما هوَ تَوقيتٌ للطَّلاقِ، وهذا لا يُمنَعُ، كما أنَّ النِّكاحَ لا يَجوزُ أنْ يَكونَ مُعلَّقًا بشَرطٍ، والطَّلاقُ يَجوزُ فيهِ التَّعليقِ (١).

وذهبَ المالِكيَّةُ إلى أنَّ الزَّوجَ إذا علَّقَ الطَّلاقَ على أمرٍ مُستقبلٍ مُحقَّقِ الوُقوعِ عَقلًا كقَولِه: «أنتِ طالِقٌ إذا طَلعَتِ الشَّمسُ، أو إنْ دخَلَ رَمضانُ، أو طالِقٌ بعْدَ سَنةٍ» أو غالبٍ وُقوعُه أو مَشكوكٍ في حُصولِه في الحالِ ويُمكِنُ الاطِّلاعُ عليهِ بعْدُ أو لا يُمكِنُ؛ فإنهُ يُنجَّزُ عليهِ الطَّلاقُ في الحالِ، وبَيانُه كما يلي:

١ - إنْ عَلَّقَ الطَّلاقَ بمُحقَّقِ الوُقوعِ عادةً وكانَ يَبلُغُه عُمرُهما مَعًا عادةً بأنْ كانَ أقلَّ مِنْ مُدَّةِ التَّعميرِ، كقَولِه لها: «أنتِ طالِقٌ بعدَ سَنةٍ مَثلًا»، فبَعديَّةُ السَّنةِ أمرٌ مُحقَّقٌ عادةً ويَبلغُه عُمرُهما عادةً، فيُنجَّزُ عليهِ مِنَ الآنِ، بخِلافِ بعدَ ثمَانينَ سَنةٍ، أو «أنتِ طالِقٌ يومَ مَوتي أو قبْلَه بساعَةٍ» فيُنجَّزُ عليهِ الآنَ؛


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٤٣٨، ٤٤٠)، و «المبسوط» (٦/ ١١٤)، و «اللباب» (٢/ ٨٧، ٨٨)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٤٠٠، ٤٠١)، و «المهذب» (٢/ ٩٢، ٩٣)، و «الحاوي الكبير» (١٠/ ١٩٢، ١٩٤)، و «البيان» (١٠/ ١٣٥)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٣٠٦)، و «مراتب الإجماع» ص (٧٢)، و «الإفصاح» (٢/ ١٧٨)، و «المغني» (٧/ ٣٢٤، ٣٢٥)، و «الكافي» (٣/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>