وأبو يُوسفَ؛ مَنْ حلَفَ:«لا دخَلْتُ دارَ فُلانٍ هذهِ ولا كَلَّمتُ عبْدَه هذا» فباعَ فُلانٌ العَبدَ والدَّارَ.
ونَظيرُ هذا: أنْ يَحلِفَ لا يُكلِّمُ فُلانًا، والحامِلُ لهُ على اليَمينِ كَونُه تارِكًا للصَّلاةِ أو مُرابِيًا أو خَمَّارًا أو والِيًا، فتابَ مِنْ ذلكَ كُلِّهِ وزالتِ الصِّفةُ الَّتي حلَفَ لأجْلِها لَم يَحنثْ بكَلامِه.
وكذلكَ إذا حَلَفَ:«لا تَزوجَّتُ فُلانةَ» والحامِلُ لهُ على اليَمينِ صِفةٌ فيها مِثلَ كَونهَا بَغيًّا أو غَيرَ ذلكَ، فزالَتْ تِلكَ الصِّفةُ لَم يَحنَثْ بتَزوُّجِها.
كُلُّ هذا مُراعاةً للمَقاصِدِ الَّتي الألفاظُ دالَّةٌ عليها، فإذا ظهَرَ القَصدُ كانَ هوَ المُعتبَرَ، ولهذا لو حلَفَ:«لَيَقضينَّه حقَّهُ في غَدٍ» وقَصدُه أو السَّببُ: أنْ لا يُجاوِزَه، فقَضاهُ قبْلَه لم يَحنَثْ، ولَو حَلفَ: لا يَبيعُ عبْدَه إلَّا بألفٍ فباعَهُ بأكثَرَ لَم يَحنَثْ، ولو حَلَفَ أنْ لا يَخرُجَ مِنَ البَلدِ إلَّا بإذنِ الواليِ والنِّيةُ أو السَّببُ يَقتضِي التَّقييدَ ما دامَ كذلكَ؛ فعُزِلَ لم يَحنَثْ بالخُروجِ بغَيرِ إذنِهِ.
وكذلكَ لَو حلَفَ على زَوجتِه أو عَبدِه أو أَمَتِه أنْ لا تَخرُجَ إلَّا بإذنِهِ، فطلَّقَ أو أَعتَقَ أو باعَ لَم يَحنَثْ بخُروجِهم بغَيرِ إذنِه؛ لأنَّ اقتِضاءَ السَّببِ والقَصدَ بتَقييدٍ في غايةِ الظُّهورِ، ونَظائرُ ذلكَ كَثيرةٌ جدًّا.
وسائِرُ الفُقهاءِ يَعتبرونَ ذلكَ، وإنْ خالَفُوهُ في كَثيرٍ مِنَ المَواضِعِ، وهذا هوَ الصَّوابُ؛ لأنَّ الألفاظ إنَّما اعتُبِرتْ لدَلاتِها على المَقاصِدِ، فإذا ظهَرَ القَصدُ كانَ الاعتِبارُ لهُ وتَقيَّدَ اللَّفظُ بهِ، ولهذا لو دُعِيَ إلى غَداءٍ فحلَفَ لا