بطَلاقِ الفَرجِ والأعضاءِ الخَمسةِ: الرَّأسِ والظَّهرِ والوَجهِ والرَّقَبةِ والفَرْجِ.
وقياسٌ ثانٍ: وهو أنَّه أشارَ بالطَّلاقِ إلى عُضوٍ مُتَّصلٍ بها اتِّصالَ الخِلقةِ، فوجَبَ أنْ يَكونَ كالإشارةِ بهِ إلى جَميعِ الجُملةِ كالأعضاءِ الخَمسةِ، وقَولُنا: «اتِّصَالَ الخِلقةِ» احتِرازًا مِنَ الأُذُنِ إذا أُلصِقَتْ بعْدَ قطْعِها، فإنهُ إذا وقَعَ الطَّلاقُ عليهِ لم يُطلّقْ بهِ.
فإنْ قيلَ: «المَعنَى في الأعضاءِ الخَمسةِ أنَّها قَوامُ البَدنِ، وأنَّها لا يُحيَى بفَقدِها» انتَقضَ بالكَبدِ والفُؤادِ؛ لأنَّهما قَوامُ البَدنِ، لا يُحيَى إلَّا بهما، ولا تُطلَّقُ عِنْدَ الحَنفيةِ بطَلاقِهما.
وأنْ يُقالَ: المَعنَى فيها أنهُ يُعبَّرُ بها عَنِ الجُملةِ، كانَ الجَوابُ عنهُ مِنْ ثلاثةِ أوجُهٍ:
أحدُها: أنهُ يُعبَّرُ عَنِ الجُملةِ على طَريقِ المَجازِ دُونَ الحَقيقةِ، وصَريحُ الطَّلاقِ يَتعلَّقُ بالحَقيقةِ دُونَ المَجازِ.
والثَّاني: أنهُ يُعبَّرُ بها عَنِ الجُملةِ إذا أُطلقَتْ مِنْ غَيرِ إضافةٍ، وهيَ هاهُنا مُضافةٌ؛ لأنهُ قالَ: «رَأسُكِ طالِقٌ»، فلَم يُعبِّرْ بها مع الإضافةِ إلَّا عنها، لا عَنِ الجُملةِ؛ لأنَّ الإضافةَ قَدْ مَيَّزتِ المُضافَ مِنَ المُضافِ إليهِ.
والثَّالثُ: أنهُ قد يُعبَّرُ عَنِ الجُملةِ بغَيرِ الأعضاءِ الخَمسةِ، أمَّا اليَدُ فبقَولِه تعالَى: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ [المسد: ١]، وأمَّا الرِّجلُ فلقَولِهم:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute