إحدَاهُما عِنْدَ الشَّافعيةِ، وعليهِ اعتِزالُهُما جَميعًا حتَّى يُبيِّنَ الحالَ، وعليهِ البَحثُ والبَيانُ.
وقالَ الحَنابلةُ: تَكونُ كالمَنسيَّةُ يُقرِعُ بيْنَهما؛ لأنَّه لا سَبيلَ إلى مَعرفةِ المُطلَّقةِ مِنهُما عَينًا، فهُمَا سَواءٌ، والقُرعَةُ طَريقٌ شَرعيٌّ لإخراجِ المَجهولِ، فشُرِعَتِ القُرعةُ كما في المُبهَمةِ.
وقالَ المالكيَّةُ: ولو كانَ لرَجلٍ امرَأتانِ فرَأَى طائِرًا فقالَ: «إنْ كانَ هذا غُرابًا فزَينبُ طالِقٌ، وإنْ لَم يَكنْ غُرابًا فهِندُ طالِقٌ» والْتَبسَ عليهِ الأمرُ طلقَتَا؛ لأنهُ لا يُمكنُه دَعوَى التَّحقيقِ في الحالَتينِ.
٤ - فأمَّا إنْ قالَ أحدُ الرَّجلَينِ: «إنْ كانَ هذا الطَّائِرُ غُرابًا فامرأتُهُ طالِقٌ ثلاثًا» وقالَ الآخَرُ: «إنْ لم يَكنْ غُرابًا فامرَأتُه طالِقٌ ثلاثًا» أي يَحلفُ كلٌّ مِنهُما على نَقيضِ قَولِ صاحِبِه، فطارَ ولَم يَعلَمَا حالَهُ لَم يُحكَمْ بوُقوعِ الطَّلاقِ على واحِدٍ مِنهُما عِنْدَ الشَّافعيةِ (وأصحابِ الرَّأيِ كما نقَلَهُ عَنهمُ ابنُ قُدامةَ)، ولا يَحرُمُ على واحدٍ مِنهُما وَطءُ امرَأتِه؛ لأنهُ مَحكومٌ ببَقاءِ نِكاحِهِ، ولَم يُحكَمْ بوُقوعِ الطَّلاقِ عليهِ.
وقالَ الحَنابلةُ: قدْ حنَثَ أحدُهُما لا بعَينِه، ولا يُحكَمُ بهِ في حَقِّ واحِدٍ مِنهُما بِعَينِه، بَلْ تَبقَى في حَقِّه أحكامُ النَّكاحِ مِنَ النَّفقةِ والكسوَةِ والسُّكنَى؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنهُما يَقينُ نِكاحِه باقٍ ووُقوعُ طَلاقِه مَشكوكٌ فيهِ.
فأمَّا الوَطءُ فإنهُ يَحرُمُ عَليهِما؛ لأنَّ أحَدَهُما حانِثٌ بيَقينٍ وامرَأتُه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute