يقرَبَها حتَّى يَعلمَ أنَّها غَيرُ المُطلَّقةِ، وكذلكَ يَنبغي للقاضي إذا رفعَتْ إليهِ أن يَمنَعَه منها حتَّى يُبيِّنَ فيُخبِرَ أنَّها غَيرُ المُطلَّقةِ، فإذا أخبَرَ بذلكَ استَحلَفَه البتَّةَ ما طَلَّقَ هذهِ بعَينِها ثلاثًا، ثمَّ خلَّى بيْنَهُ وبيْنَها، فإنْ كانَ حلَفَ وهوَ جاهِلٌ بما حلَفَ عليهِ فليسَ يَنبغي لهُ أنْ يَقرَبَها (١).
وقالَ المالكيَّةُ: جَميعَ نِسائِه تطلقُ عَليهِ، فإذا قالَ: «إحداكُما طالِقٌ» أو امرَأتُه طالِقٌ ولهُ امرأتانَ، أو لزَوجاتِهِ: «إحداكُنَّ طالِقٌ» ولم يَنوِ مُعيَّنةً في الجَميعِ، أو نَوَى واحِدةً ونَسِيَها؛ طَلُقَتا أو طَلُقنَ على المَشهورِ عِنْدَ المالكيَّةِ، وليسَ لهُ أنْ يَختارَ واحِدةً مِنهنَّ، وهذا قَولُ المِصريِّينَ، وقالَ المَدَنيُّونَ: يُخيَّرُ فيمَنْ شاءَ مِنهُما، فيُوقِعُ الطَّلاقَ عليها كالعِتقِ.
ولا خِلافَ بيْنَهم أنهُ يُصدَّقُ فيما لو قالَ: نَويْتُ واحِدةً بعَينِها.
جاءَ في «المُدَوَّنة الكُبْرَى»: قُلتُ: أرأَيتَ لَو أنَّ رَجلًا قالَ: «إحدَى امرَأتَيَّ طالقٌ ثلاثًا» ولم يَنوِ واحِدةً منهُما بعَينِها، أَيكونُ لهُ أنْ يُوقِعَ الطَّلاقَ على أيتِهما شاءَ؟ (قالَ): قالَ مالكٌ: إذا لم يَنوِ حينَ تَكلَّمَ بالطَّلاقِ واحدةً بعَينِها طَلُقَتا عليهِ جَميعًا، وذلكَ أنَّ مالِكًا قالَ في رَجلٍ لهُ امرأتانِ أو أكثرُ مِنْ ذلكَ فقالَ: «امرأةٌ مِنْ نِسائِي طالِقٌ ثلاثًا إنْ فعلْتُ كذا وكذا» ففَعَلَه، (قالَ): إنْ كانَ نَوَى واحدةً مِنهنَّ بعَينِها حينَ حلَفَ طَلُقَتْ عليهِ، وإلَّا طُلِّقنَ جَميعًا
(١) «الأصل» للشيباني (٢/ ٢٢٤، ٢٢٥)، و «العناية» (٤/ ٣٤٣)، و «الأشباه والنظائر» ص (٦٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute