عدَّتِها ثمَّ طلَّقَها هذا الزَّوجُ الثَّاني أو ماتَ عَنها، أَتحِلُّ للزَّوجِ الَّذي لَم يَدرِ كَمْ طلَّقَها؟ قالَ: تَحِلُّ لهُ بعْدَ هذا الزَّوجِ؛ لأنهُ إنْ كانَ إنَّما طلَّقَها واحِدةً رَجَعتْ عِندَه على اثنتَينِ، وإنْ كانَ إنَّما طلَّقَها هذا الزَّوجُ اثنتَينِ رَجَعتْ إليهِ على واحدةٍ، وإنْ كانَ إنَّما طلَّقَها ثلاثًا فقَدْ أحَلَّها هذا الزَّوجُ، فإنْ طلَّقَها هذا الزَّوجُ أيضًا تَطليقةً فانقَضَتْ عِدَّتُها أو لَم تَنقَضِ عِدَّتُها لم يَحِلَّ لهُ أنْ يَنكِحَها إلَّا بعْدَ زَوجٍ؛ لأنهُ لا يَدري لعلَّ طلاقَهُ إيَّاها كانَ تَطليقتَينِ فقَدْ طلَّقَ أُخرَى، فهذا لا يَدرِي لَعلَّ الثَّلاثَ إنَّما وقَعَتْ بهذهِ التَّطليقةِ الَّتي طلَّقَ، فإنْ تَزوَّجَتْ بعْدَ ذلكَ زَوجًا آخَرَ فماتَ أو طلَّقَها فانقَضَتْ عدَّتُها فتَزوَّجَها الزَّوجُ الأوَّلُ فطلَّقَها أيضًا تَطليقةً إنهُ لا يَحلُّ لهُ أنْ يَنكِحَها إلَّا بعْدَ زَوجٍ أيضًا؛ لأنهُ لا يَدري لعَلَّ الطَّلاقَ الأوَّلَ إنَّما كانَ تَطليقةً واحدةً، والطَّلاقَ الثَّاني إنَّما كانَ تَطليقةً ثانيةً، وإنَّ هذهِ الثَّالثةَ، فهو لا يَدري لعلَّ هذهِ هيَ التَّطليقةَ الثَّالثةَ، فلا يَصلُحُ لهُ أنْ يَنكِحَها حتَّى تَنْكِحَ زَوجًا غَيرَهُ، قُلتُ: فإنْ نَكحَتْ زَوجًا غَيرَه ثمَّ طلَّقَها أو ماتَ عنها هذا الزَّوجُ الثَّالثُ ثمَّ تَزوَّجَها الزَّوجُ الأوَّلُ أيضًا؟ قالَ: فإنَّها تَرجِعُ إليهِ أيضًا على تَطليقةٍ أيضًا بعْدَ الثَّلاثةِ الأزواجِ، إلَّا أنْ يَبِتَّ طلاقَها وهي تَحتَه في أيِّ النِّكاحِ كانَ (١).
(١) «المدونة الكبرى» (٤/ ١٩٤)، و (٥/ ١٤، ١٤)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٠٠، ١٠١)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٣١٦)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٦٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٠٧)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٠٢)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٣٨٧).