والأُخرَى أجنبيَّةٌ لا شيءَ لها، فلمَّا لم تُعرَفْ بعَينِها تَساوَيَا جَميعًا في دَعوَى الميراثِ، فكانَ بيْنَهما (١).
وقالَ الشَّافعيةُ: إذا قالَ لزَوجتَيهِ: «إحداكُما طالِقٌ»؛ فإنْ قصَدَ واحدةً بعَينِها فهيَ المُطلَّقةُ، فعليهِ بيانُها، وإنْ أرسلَ اللَّفظَ ولَم يَقصدْ مُعيَّنةً، بلْ أطلَقَ أو قصَدَ واحِدةً لا بعَينِها طلقَتْ إحداهُما مُبهمًا ويُعيِّنُها الزَّوجُ، وفيهِ مسائِلُ:
المَسألةُ الأُولَى: يُلزَمُ الزَّوجُ بالتَّبيينِ إذا نَوَى واحدةً بعَينِها، وهيَ قصْدُ واحدةٍ مُعيَّنةٍ، وبالتَّعيينِ إذا لَم ينْوِ واحدةً مُعيَّنةً بلْ مُبهمةً؛ لتَعلمَ المُطلَّقةُ مِنهُما فيَترتَّبَ عليها أحكامُ الفِراقِ، ويُمنَعُ مِنْ قُربانِهما حتَّى يُبيِّنَ أو يُعيِّنَ، وذلكَ بالحَيلولةِ بيْنَه وبيْنَهما، ويَلزمُه التَّبيينُ والتَّعيينُ على الفَورِ، فإنْ أخَّرَ عَصَى، فإنِ امتَنعَ حُبسَ وعُزِّرَ، ولا يُقنَعُ بقَولِه: «نَسيتُ المُعيَّنةَ»، وإذا بيَّنَ في الصُّورةِ الأُولَى فللأُخرَى أنْ تدَّعِيَ عليهِ أنَّكَ نَوَيتَني وتُحلِّفَه، فإنْ نكَلَ حلَفَتْ وطُلِّقَتا، وإذا عيَّنَ في الصُّورةِ الثَّانيةِ فلا دَعَوى لها؛ لأنهُ اختِيارٌ يُنشِئُه، هذا كلُّه في الطَّلاقِ البائِنِ، فلو أبهَمَ طَلقَةً رَجعيَّةً بَينَهما فهلْ يَلزمُه أنْ يُبيِّنَ أو يُعيِّنَ في الحالِ؟ وَجهانِ حكاهُما الإمامُ، أحدَهُما: نعَمْ، لحُصولِ التَّحريمِ، وأصَحُّهما: لا؛ لأنَّ الرَّجعيَّةَ زَوجةٌ.
(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٤٥٠)، و «شرح مختصر الطحاوي» للجصاص (٥/ ٩٢، ٩٣)، و «اختلاف العلماء» ص (١٦٦، ١٦٧)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٢٥، ٢٢٦)، و «الاختيار» (٣/ ١٧٩، ١٨٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute