يُبِينَ الطَّلاقَ الثَّلاثَ في إحداهُما، أمَّا البَينونةُ فلِأنَّ المِلكَ قَدْ زالَ مِنْ كُلِّ وجهٍ بالرِّدَّةِ وانقِضاءِ العدَّةِ، وإذا زالَ المِلكُ لا يَملِكُ البَيانَ، وهذا يَدلُّ على أنَّ الطَّلاقَ لم يَقعْ قبْلَ البَيانِ؛ إذْ لو وقَعَ لَصَحَّ البَيانُ بعْدَ البَينونَةِ؛ لأنَّ البَيانَ حينَئذٍ يَكونُ تَعيينَ مَنْ وَقعَ عليهِ الطَّلاقُ، فلا تَفتَقرُ صِحتُه إلى قيامِ المِلكِ.
ولو بَيَّنَ الطَّلاقَ في إحداهُما تَجبُ عَليها العدَّةُ مِنْ وَقتِ البَيانِ، كذا رُوِيَ عن أبي يُوسفَ، حتَّى لو راجَعَها بعْدَ ذلكَ صحَّتْ رَجعَتُه، وكذا إذا بيَّنَ الطَّلاقَ في إحداهُما وقدْ كانَتْ حاضَتْ قبْلَ البَيانِ ثَلاثَ حِيَضٍ لا تَعتَدُّ بمَا حاضَتْ قبْلَهُ، وتَستأنِفُ العدَّةَ مِنْ وَقتِ البَيانِ، وهذا يَدلُّ على أنَّ الطَّلاقَ لم يكنْ واقِعًا قبْلَ البَيانِ.
ورُويَ عَنْ مُحمَّدٍ أنهُ تَجبُ العدَّةُ مِنْ وَقتِ الإرسالِ، وتَنقَضِي إذا حاضَتْ ثلاثَ حِيَضٍ مِنْ ذلكَ الوَقتِ، ولا تَصحُّ الرَّجعَةُ بعْدَ ذلكَ، وهذا يَدلُّ على أنَّ الطَّلاقَ نازِلٌ في غَيرِ المُعيَّنِ.
وإنْ ماتَ الزَّوجُ قبْلَ أنْ يُبيِّنَ وهمَا غَيرُ مَدخولٍ بهمَا فلَهُما جَميعًا الصَّداقُ، ونُصِّفَ بيْنَهما نِصفَينِ، والمِيراثُ بيْنَهما نِصفَينِ؛ وذلكَ لأنَّ إحداهُما قَدْ طلقَتْ وسَقَطَ نِصفُ مَهرِها ولا نَعرِفُها بِعَينهَا، فيَدخلُ ضَرَرُه عَليهِما، فيَكونُ المَهرُ والنِّصفُ بيْنَهما نِصفَينِ؛ لتَساويهِما فيهِ.
وكذلكَ الميراثُ بيْنَهما؛ لأنَّ إحداهُما امرَأتُه مُستحِقَّةٌ للميراثِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute