وإنْ حلَفَ على غَيرِه لَيَفعلَنَّ كذا أو حلَفَ على غَيرِه لا يَفعلَنَّه فخالَفَه حنَثَ الحالِفُ؛ لوُجودِ الصِّفةِ وتَوكيدِ الفِعلِ المُضارِعِ المَنفِيِّ بلا قَليلٍ، ومنهُ قولُه تعالَى: ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ﴾.
وقالَ شَيخُ الإسلامِ: لا يَحنَثُ الحالِفُ بمُخالَفةِ المَحلوفِ عليهِ إنْ قصَدَ إكرامَهُ، لا إلزامَهُ بهِ بالمَحلُوفِ عَليهِ؛ لأنَّ الإكرامَ قدْ حصَلَ لأنَّهُ كالأمرِ إذا فُهِمَ منهُ الإكرامُ؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ أمَرَ أبا بكرٍ بالوُقوفِ في الصَّفِّ ولَم يَقفْ.
ولأنَّ أبا بكرٍ أقسَمَ عليهِ لَيُخبِرَنَّهُ بالصَّوابِ والخَطأِ لمَّا فسَّرَ الرُّؤيا فقالَ: لا تُقسِمْ؛ لأنهُ عَلِمَ أنَّه لم يَقصدِ الإقسامَ عليهِ معَ المَصلحةِ المُقتضيةِ للكَتمِ، وقالَ: إنْ لَم يَعلمِ المَحلُوفُ عليهِ بيَمينِه فكَنَاسٍ، قالَ ابنُ مُفلحٍ: وعَدمُ حِنثِه هُنا أظهَرُ (١).
وإنْ حلَفَ لَيَفعلَنَّ شَيئًا فتَرَكَه مُكرَهًا لم يَحنَثْ؛ لأنَّ التَّركَ لا يُنسَبُ إليهِ، أي بتَركِه، وإنْ ترَكَه ناسِيًا يَحنَثُ في طلاقٍ وعِتقٍ فَقطْ في وَجهٍ، قالَ في «تَصحِيح الفُروعِ»: وهوَ قَويُّ.
والوَجهُ الثَّاني: لا يَحنَثُ فيهما، قالَ في «تَصحِيح الفُروعِ»: وهوَ الصَّوابُ، وقطَعَ بهِ في «التَّنقِيح» وتَبِعَه في «المُنتَهى».
(١) «الفروع» (٦/ ٣٤٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute