وقالَ الحَنابلةُ: لو حلَفَ على مَنْ يَمتَنعُ بيَمينِه وقصَدَ الحالِفُ منعَه مِنَ المَحلوفِ عَليهِ كالزَّوجةِ والوَلدِ ونَحوِهما كغُلامِه وقَرابتِه ففعَلَه ناسِيًا أو جاهِلًا ففيهِ ثلاثُ رِواياتٍ، والصَّحيحُ منها أنَّه يَحنَثُ في الطَّلاقِ والعِتاقِ دُونَ غيرِهِما، وقيلَ: لا يَحنَثُ مُطلَقًا، وقيلَ: يَحنَثُ في الجَميعِ.
وإنْ فعَلَه مُكرَهًا فلا شيءَ عليهِ، كمَن حلَفَ على زَوجَتِه أو نحوِها أنْ لا تَدخُلَ دارًا فدَخلَتْها مُكرَهةً لم يَحنَثْ مُطلَقًا، وإنْ دخلَتْها جاهِلةً أو ناسِيةً فيَحنثُ في الطَّلاقِ والعِتاقِ، فإنْ قالَ: «إنْ دخلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالِقٌ» فدَخلَتْها ناسِيةً أو جاهِلةً طلقَتْ، وكذا إنْ قالَ لابنِه: «إنْ دَخلْتَ الدَّار فأمُّكَ طالِقٌ» فدخَلَ ناسِيًا أو جاهِلًا طلقَتْ أمُّه.
وحَلِفُه على هَؤلاءِ -مَنْ يَقصِدُ مَنْعَه كزَوجةٍ ووَلدٍ وغُلامِه وقَرابتِه- لا يَفعلَنَّ شَيئًا كحَلفِه على نَفسِه في كَونِه يَمينًا؛ لحُصولِ المَقصودِ مِنَ اليَمينِ بهِ، وهوَ المنعُ مِنْ ذلكَ الشَّيءِ.
فإنْ لم يَقصِدْ منْعَه بأنْ قالَ: «إنْ قَدِمَتْ زَوجتِي بلدَ كذا فهيَ طالِقٌ» ولم يَقصِدْ منْعَها فهوَ تَعليقٌ مَحضٌ، يقَعُ بقُدومِها كيفَ كانَ، كمَن لا يَمتَنعُ بيَمينِه.
وإنْ حلَفَ على مَنْ لا يَمتَنعُ بيَمينِه كالسُّلطانِ والأجنَبيِّ والحاجِّ استَوى في وُجودِ المَحلوفِ عَليهِ العَمدُ والسَّهوُ والإكراهُ وغَيرُه، أي يَحنَثُ الحِالفُ في ذلكَ؛ لأنهُ تَعليقٌ مَحضٌ، فحنَثَ بوُجودِ المُعلَّقِ عَليه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute