عِلمُه -أي لم يَعلمْ خِلافَه- ولم يَقصِدْ أنَّ الأمرَ كذلكَ في الحَقيقةِ لم يَحنَثْ؛ لأنَّه إنَّما حلَفَ على مُعتقَدِهِ، وإنْ قصَدَ أنَّ الأمرَ كذلكَ في نَفسِ الأمرِ أو أطلَقَ ففي الحِنثِ قَولانِ، رجَّحَ مِنهُما ابنُ الصَّلاحِ وغَيرُه الحِنثَ، وصَوَّبَه الزَّركَشيُّ؛ لأنهُ غَيرُ مَعذُورٍ، إذْ لا حِنثَ ولا مَنْعَ بل تَحقِيقٌ، فكانَ عليهِ أنْ يَتثبَّتَ قبلَ الحَلِفِ، بخِلافهِ في التَّعليقِ بالمُستقبَلِ.
ورجَّحَ الإسنَوِيُّ وغَيرُه أخذًا مِنْ كَلامِ أصلِ الرَّوضَةِ عدَمَ الحِنثِ، ورجَّحَ بعضُ المُتأخِّرينَ أنَّه يَحنَثُ فيما إذا قصَدَ أنَّ الأمرَ كذلكَ في نفسِ الأمرِ، وعَدمَ الحِنثِ عِنْدَ الإطلاقِ، قالَ الخَطيبُ الشّربينيُّ: وهذا أوجَهُ.
ثمَّ قالَ: تَتمَّةٌ: لو علَّقَ الطَّلاقَ بدُخولِ بهيمَةٍ أو نَحوِها كطِفلٍ فدَخلَتْ مُختارةً وقَعَ الطَّلاقُ، بخِلافِ ما إذا دخَلَتْ مُكرَهةً لم يَقَعْ.
فإنْ قيلَ: هذا يُشكِلُ بما مَرَّ مِنْ وُقوعِ الطَّلاقِ فيما إذا لَم يَعلمِ المُعلَّقُ بفِعلِه التَّعليقَ وكانَ ممَّنْ لا يُبالي بتَعليقِهِ، أو مِمَّنْ يُبالي به ولَم يَقصدِ الزَّوجُ إعلامَهُ ودخَلَ مُكرَهًا.