للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكنْ يُستَثنَى مِنهُ الصُّورةُ الأخيرَةُ، وهي فيما إذا قصَدَ فِيمَن يُبالي بهِ إعلامَهُ ولم يَعلمْ بهِ فلا تَطلُقُ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : ولو عَلَّقَ بفِعلِ الزَّوجةِ أو أجنبيِّ؛ فإنْ لم يَكنْ للمُعلَّقِ بفِعلِه شُعورٌ بالتَّعليقِ ولم يَقصِدِ الزَّوجُ إعلامَهُ أو كانَ ممَّن لا يُبالي بتَعليقِهِ، بأنْ عَلَّقَ بقُدومِ الحَجيجِ أوِ السُّلطانِ طُلِّقَتْ بفِعلِه في حالَتيِ النِّسيانِ والإكراهِ على المَذهبِ، وقيلَ: إنْ فعَلَهُ مُكرَهًا ففيهِ القَولانِ، فكأنَّه لا فِعلَ لهُ.

وإنْ كانَ المُعلَّقُ بفِعلِه عالِمًا بالتَّعليقِ وهوَ ممَّنْ يُبالي بتَعليقِهِ وقصَدَ المُعلِّقُ بالتَّعليقِ منْعَه ففعَلَه ناسِيًا أو مُكرَهًا أو جاهِلًا ففيهِ القَولانِ.

ولو قَصَدَ منْعَها مِنَ المُخالَفةِ فنَسيَتْ قالَ الغَزاليُّ: لا تُطَلَّقُ قَطعًا؛ لعَدمِ المُخالَفةِ، ويُشبِهُ أنْ يُراعَى مَعنَى التَّعليقِ ويُطرَدَ الخِلافُ.

قُلتُ: الصَّحيحُ قَولُ الغَزاليِّ، ويَقرُبُ مِنهُ عَكسُهُ وهوَ أنَّه لو حلَفَ لا يَدخُلُ عمدًا ولا ناسِيًا فدخَلَ ناسِيًا فنقَلَ القاضِي حُسينٌ أنَّه يَحنَثُ بلا خِلافٍ (١).

وهذا كلُّه إذا حلَفَ على فِعلٍ مُستَقبلٍ، أمَّا إذا حلَفَ على نَفيِ شيءٍ وقَعَ جاهِلًا به أو ناسِيًا لهُ كما لَو حلَفَ أنَّ زيدًا ليسَ في الدَّارِ وكانَ فيها ولم يَعلمْ بهِ أو عَلمَ ونَسيَ؛ فإنْ حلَفَ أنَّ الأمرَ كذلكَ في ظنِّهِ أو فيما انتَهَى إليهِ


(١) «روضة الطالبين» (٥/ ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>