والظِّهارِ والحَرامِ، واليَمينِ الَّتي لا تُكفّرُ على مَنصوصِه وهي اليَمينُ بالطَّلاقِ والعِتاقِ.
و (القَولُ الثَّالثُ): أنهُ يَحنَثُ في جَميعِ الأيمانِ، وهوَ مَذهبُ أبي حَنيفةَ ومالكٍ وأحمَدَ في الرِّوايةِ الثَّالثةِ عنهُ.
والقَولُ الأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ الحَضَّ والمَنعَ في اليَمينِ بمَنزلةِ الطَّاعةِ والمَعصيةِ في الأمرِ والنَّهيِ، فإنَّ الحالِفَ على نَفسِه أو عَبدِه أو قَرابتِه أو صَديقِه الَّذي يَعتقِدُ أنَّه يُطيعُه هو طالِبٌ لِمَا حلَفَ على فِعلِه مانِعٌ لِمَا حلَفَ على تَركِه، وقدْ وَكَّدَ طلَبَه ومَنْعَه باليَمينِ، فهو بمَنزلةِ الأمرِ والنَّهيِ المُؤكَّدِ، وقدِ استَقرَّ بدَلالةِ الكِتابِ والسُّنةِ أنَّ مَنْ فعَلَ المَنهيَّ عنهُ ناسِيًا أو مُخطِئًا فلا إثمَ عليهِ، ولا يَكونُ عاصِيًا مُخالِفًا، فكذلكَ مَنْ فعَلَ المَحلُوفَ ناسِيًا أو مُخطِئًا فإنَّه لا يَكونُ حانِثًا مُخالِفًا ليَمينِه، ويَدخُلُ في ذلكَ مَنْ فعَلَه مُتأوِّلًا أو مُقلِّدًا لِمَنْ أفتاهُ، أو مُقلِّدًا لعالِمٍ مَيِّتٍ أو مُجتهِدًا مُصيبًا أو مُخطِئًا، فحَيثُ لم يَتعمَّدِ المُخالَفةَ ولكنِ اعتَقدَ أنَّ هذا الَّذي فعَلَه ليسَ فيهِ مُخالَفةٌ لليَمينِ فإنَّه لا يكونُ حانِثًا (١).
قالَ الإمامُ ابنُ هُبيرَةَ ﵀: واختَلفُوا فيمَا إذا فعَلَ المَحلُوفَ عليهِ ناسِيًا وكانَ اليَمينُ أنْ لا يَفعَلَه مُطلَقًا مِنْ غَيرِ تَقييدٍ، فقالَ مالِكٌ وأبو حَنيفةَ: يَحنَثُ بإطلاقِهِ، سَواءٌ كانَتِ اليَمينُ باللهِ أو بالظِّهارِ أو بالطَّلاقِ أو بالعِتاقِ.
(١) «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ٢٠٨، ٢١٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute