للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


=يَنفُذُ شيءٌ مِنْ أقوالِه في هذهِ الحالةِ، فإنَّ أقوالَ المُكلَّفِ إنَّما تَنفُذُ معَ عِلمِ القائلِ بصُدورِها منهُ ومَعناها وإرادتِه للتكلُّمِ بها.
الأوَّلُ: يَخرجُ النَّائمَ والمَجنونَ والمُبرسَمَ والسَّكرانَ، وهذا الغَضبانَ.
والثَّاني: يُخرِجُ مَنْ تَكلَّمَ باللَّفظِ وهو لا يَعلَمُ مَعناهُ البَتَّةَ، فإنهُ لا يَلزمُ مُقتضاهُ.
والثَّالثُ: يُخرِجُ مَنْ تَكلَّمَ بهِ مُكرَهًا وإنْ كانَ عالِمًا بمَعناهُ.
القسمُ الثَّالثُ: مَنْ تَوسَّطَ في الغَضبُ بيْنَ المَرتبتَينِ، فتَعدَّى مَبادئَه ولم يَنْتَهِ إلى آخِرِه بحَيثُ صارَ كالمَجنونِ، فهذا مَوضِعُ الخِلافِ ومَحلُّ النَّظرِ.
والأدلَّةُ الشَّرعيةُ تَدلُّ على عَدمِ نُفوذِ طَلاقِه وعِتقِه وعُقودِه الَّتي يُعتبَرُ فيها «الاختيار» والرِّضا، وهو فَرعٌ مِنَ الإغلاقِ كما فَسَّرَه بهِ الأئمَّةُ، وقَد ذكَرْنا دَلالةَ الكِتابِ على ذلكَ مِنْ وُجوهٍ.
وأمَّا دَلالةُ السُّنةِ، فمِن وُجوهٍ:
أحدُها: حَديثُ عائشةَ، وقَد تَقدَّمَ ذِكرُ وجهِ دَلالتِه.
الثَّاني: ما رَواهُ أحمدُ والحاكِمُ في «مُستدرَكِه» مِنْ حَديثِ عِمرانَ بنِ حُصينٍ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «لا نَذْرَ في غَضبٍ، وكفَّارتُه كفَّارةُ يَمينٍ»، وهو حَديثٌ صَحيحٌ، وله طُرُقٌ.
وجهُ الاستِدلالِ بهِ: أنَّهُ ألغَى وُجوبَ الوفاءِ بالنَّذرِ إذا كانَ في حالِ الغَضبِ، معَ أنَّ اللهَ أثنَى على المُوفِينَ بالنُّذورِ، وأمَرَ النَّبيُّ النَّاذرَ لطاعةِ اللهِ بالوفاءِ بنَذرِه، وقالَ: «مَنْ نذَرَ أنْ يُطيعَ اللهَ فلْيُطعْهُ، ومَن نذَرَ أنْ يَعصيَهُ فلا يَعصِه»، فإذا كانَ النَّذرُ الَّذي أثنَى اللهُ على مَنْ أَوفَى بهِ وأمَرَ رَسولُه بالوَفاءِ بما كانَ منهُ طاعةً قد أثَّرَ الغضَبُ في انعقادِه؛ لكَونِ الغَضبانِ لم يَقصدْه، وإنَّما حمَلَه على إتيانِه الغضَبُ؛ فالطَّلاقُ بطَريقِ الأَولَى والأَحرَى.
الثَّالِثُ: ما ثبَتَ في الصَّحيحِ عَنهُ أنَّهُ قالَ: «لا يَقضي القاضي بيْنَ اثنَينِ وهوَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>