للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ طلاقَ مَنْ هذا حالُهُ لا يَقعُ، وأفرَدَ في ذلكَ رِسالةً، واستَدلَّ على ذلكَ بحَديثِ عائِشةَ أمِّ المُؤمنِينَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «لا طلاقَ ولا عتاقَ في إغلاقٍ» (١). قالَ أبو داودَ: «في غِلاقٍ»، ثمَّ قالَ: والغِلاقُ أظنُّهُ الغَضبَ.

وقالَ حَنبَلٌ: سَمِعتُ أبا عَبدِ اللهِ -يَعني أحمدَ بنَ حَنبلٍ- يقولُ: هو الغَضبُ، ذكَرَه الخَلَّالُ وأبو بكرٍ عَبدُ العَزيزِ، ولَفظُ أحمَدَ يَعني الغَضبَ.

قالَ أبو بكرٍ: سَألتُ أبا مُحمَّدٍ وابنَ دُرَيدٍ وأبا عَبدِ اللهِ وأبا طاهِرٍ النَّحْويّينَ عن قَولِهِ: «لا طلاقَ ولا عِتاقَ في إغلاقٍ» قالُوا: يُريدُ الإكراهَ؛ لأنَّه إذا أُكرِهَ انغلَقَ عليهِ رَأيُهُ، ويَدخلُ في هذا المَعنَى المُبرسَمُ والمَجنونُ.

فقلتُ لبَعضِهم: والغَضبُ أيضًا؟ فقالَ: ويَدخلُ فيهِ الغَضبُ؛ لأنَّ الإغلاقَ لهُ وَجهانِ: أحدُهُما الإكراهُ، والآخَرُ ما دخَلَ عليهِ ممَّا يَنغلِقُ بهِ رَأيُه عليهِ.

وهذا مُقتضَى تَبويبِ البُخاريِّ؛ فإنَّه قالَ في صَحيحِه: «بابٌ: الطَّلاقُ في الإغلاقِ والكُرهِ والسَّكرانِ والمَجنونِ» (٢). يُفرّقُ بَينَ الطَّلاقِ في الإغلاقِ


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٢١٩٣)، وابن ماجه (٢٠٤٦)، وأحمد (٢٦٤٠٣).
(٢) قالَ الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ : وقَولُه: «الإغلاقُ» هوَ بكَسرِ الهَمزَةِ وسُكونِ المُعجَمةِ: الإكراهُ على المَشهورِ، قيلَ لهُ ذلكَ؛ لأنَّ المُكرَهَ يَتَغلَّقُ عليهِ أمرُه ويَتضيَّقُ عليهِ تَصرُّفُه، وقيلَ: هوَ العَملُ في الغَضبِ، وبالأوَّلِ جزَمَ أبو عُبيدٍ وجَماعةٌ، وإلى الثَّاني أشارَ أبو داودَ؛ فإنَّه أخرَجَ حَديثَ عائشةَ: «لا طلاقَ ولا إعتاقَ في غلاقٍ» قال أبو داودَ: والغِلاقُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>