للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستَدلَّ لذلكَ بأدلَّةٍ صَحيحةٍ منها حَديثُ خُوَيلةَ بِنتِ ثَعلَبةَ امرَأةِ أَوْسِ ابنِ الصَّامِتِ الآتي في الظِّهارِ، وفيهِ: غَضِبَ زَوجُها فظاهَرَ منها، فأتَتِ النَّبيَّ فأخبَرتْه بذلكَ وقالَتْ: إنَّه لَم يُرِدِ الطَّلاقَ، فقالَ النَّبيُّ : «ما أَراكِ إلَّا حَرُمْتِ عَليهِ» أخرَجَه ابنُ أبي حاتِمٍ، وذكَرَ القصَّةَ بطُولِها وفي آخِرِها قالَ: «فحَوَّلَ اللهُ الطَّلاقَ فجعَلَه ظِهارًا».

ومنها ما رُوِيَ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ وعائشةَ وغَيرِهِما في ذلكَ وأطالَ. وذلكَ في شَرحِ الحَديثِ السَّادسَ عَشَرَ مِنْ الأحاديثِ المَذكُورةِ، (وأَنكَرَ على مَنْ يَقولُ بخلافِ ذلكَ)؛ لأنَّه مُكلَّفٌ على ما دلَّتْ عَليهِ الأخبارُ.

لكنْ إنْ غَضِبَ حتَّى أُغمِيَ أو أُغشِيَ عليهِ لَم يَقعْ طَلاقُه في تِلكَ الحالِ؛ لزَوالِ عَقلِه، أشبَهَ المَجنُونَ (١).

وقالَ الإمامُ الرّحيبانِيُّ الحَنبليُّ : (و) يقَعُ الطَّلاقُ (مِمَّنْ غَضِبَ) ولم يَزُلْ عَقلُه بالكُليَّةِ؛ لأنَّه مُكلَّفٌ في حالِ غضَبِه بما يَصدُرُ منهُ مِنْ كُفرٍ وقَتلِ نَفْسٍ وأخذِ مالٍ بغَيرِ حقٍّ وطَلاقٍ وغَيرِ ذلكَ.

قالَ ابنُ رَجبٍ في «شَرح الأربعِينَ النَّوويَّةِ»: ما يَقعُ مِنْ الغَضبانِ مِنْ طلاقٍ وعِتاقٍ أو يَمينٍ فإنَّه يُؤاخَذُ بهِ، وفي نُسخَةٍ: بذلكَ كلِّه بغَيرِ خِلافٍ، واستَدلَّ لذلكَ بأدلَّةٍ صَحيحةٍ منها حَديثُ خَولةَ بِنتِ ثَعلَبةَ امرَأةِ أَوْسِ بنِ الصَّامِتِ الآتي في الظِّهارِ، ومنه: «غَضِبَ زَوجُها فظاهَرَ منها، فأتَتِ النَّبيَّ


(١) «كشاف القناع» (٥/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>