أنَّ الحَديثَ المَرويَّ عنها مَرفوعًا: «لا طلاقَ ولا عِتاقَ في إغلاقٍ» إمَّا أنَّه غَيرُ صَحيحٍ، أو أنَّ تَفسيرَهُ بالغَضبِ غيرُ صَحيحٍ.
وقَد صَحَّ عَنْ غيرِ واحِدٍ مِنَ الصَّحابةِ أنَّهُم أَفتَوا أنَّ يَمينَ الغَضبانِ مُنعقِدةٌ وفيها الكفَّارَةُ، وما رُويَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ ممَّا يُخالِفُ ذلكَ فلا يَصحُّ إسنادُهُ، قالَ الحسَنُ: «طلاقُ السُّنةِ أنْ يُطلِّقَها واحدَةً طاهِرًا مِنْ غَيرِ جِماعٍ، وهوَ بالخيارِ ما بَينَهُ وبيْنَ أنْ تَحيضَ ثلاثَ حِيَضٍ، فإنْ بَدَا لهُ أنْ يُراجِعَها كانَ أملَكَ بذلكَ، فإنْ كانَ غَضبانَ ففي ثلاثِ حِيَضٍ، أو في ثلاثةٍ أشهُرٍ إنْ كانَتْ لا تَحيضُ ما يُذهِبُ غَضَبَه»، وقالَ الحسَنُ: «لقَدْ بيَّنَ اللهُ لِئلَّا يَندَمَ أحدٌ في طلاقٍ كما أمرَهُ اللهُ» خرَّجَه القاضي إسماعِيلُ.
وقَد جعَلَ كَثيرٌ مِنَ العُلماءِ الكِناياتِ مَعَ الغَضبِ كالَّصريحِ في أنَّه يقَعُ بها الطَّلاقُ ظاهِرًا، ولا يُقبَلُ تَفسيرُها مَعَ الغَضبِ بغَيرِ الطَّلاقِ، ومِنهُم مَنْ جعَلَ الغَضبَ معَ الكِناياتِ كالنِّيةِ، فأوقَعَ بذلكَ الطَّلاقَ في الباطِنِ أيضًا، فكَيفَ يُجعَلُ الغَضبُ مانِعًا مِنْ وُقوعِ صَريحِ الطَّلاقِ؟! (١).
وقالَ الإمامُ البُهوتيُّ ﵀: والغَضبانُ مُكلَّفٌ في حالِ غَضبِهِ بما يَصدرُ مِنهُ مِنْ كُفرٍ وقَتلِ نفْسٍ وأخذِ مالٍ بغَيرِ حَقٍّ وطلاقٍ وغَيرِ ذلكَ.
قالَ ابنُ رَجبٍ في «شَرْح الأربعِينَ النَّواويَّة»: ما يَقعُ مِنَ الغَضبانِ مِنْ طلاقٍ وعِتاقٍ أو يَمينٍ فإنَّه يُؤاخَذُ، وفي نُسخَةٍ: بذلكَ كلِّه بغَيرِ خِلافٍ.
(١) «جامع العلوم والحكم» ص (١٤٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute