للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلكَ وقالَتْ: إنَّهُ لَم يُرِدِ الطَّلاقَ، فقالَ النَّبيُّ : «مَا أَراكِ إلَّا حَرُمْتِ عَليهِ»، وذكَرَ القِصَّةَ بطُولِها، وفي آخِرِها قالَ: فحَوَّلَ اللهُ الطَّلاقَ فجعَلَهُ ظِهارًا، فهذا الرَّجلُ ظاهَرَ في حالِ غَضبِهِ، وكانَ النَّبيُّ يَرَى حِينئذٍ أنَّ الظِّهارَ طَلاقٌ، وقَد قالَ إنَّها حَرُمَتْ عَليهِ بذلكَ، يَعني لَزِمَه الطَّلاقُ، فلمَّا جعَلَهُ اللهُ ظِهارًا مُكفَّرًا ألزَمَه بالكفَّارَةِ ولَم يُلغِه.

وعَن مُجاهِدٍ قالَ: جاءَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيشٍ إلى ابنِ عَبَّاسٍ فقالَ: يا ابنَ عَبَّاسٍ: «إنِّي طَلَّقتُ امرأتِي ثلاثًا وأنا غَضبانُ، فقالَ: إنَّ ابنَ عَبَّاسٍ لا يَستطيعُ أنْ يُحِلَّ لكَ ما حُرِّمَ عليكَ، عَصَيتَ رَبَّكَ وحُرِّمَتْ عليكَ امرأتُكَ، إنَّكَ لَم تَتَّقِ اللَّهَ فيجعل لكَ مَخرَجًا، ثُمَّ قَرأَ ﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١] طاهِرًا مِنْ غَيرِ جِماعٍ» (١). خَرَّجَه الجَوزَجانِيُّ والدَّارَقُطنيُّ بإسنادٍ على شَرطِ مُسلِمٍ.

وخرَّجَ القاضي إسماعِيلُ بنُ إسحاقَ في كتابِ «أحكام القُرآنِ» بإسنادٍ صَحيحٍ عَنْ عائِشةَ قالَتْ: «اللَّغوُ في الأيمانِ ما كانَ في المِراءِ والهَزلِ والمُزاحَةِ، والحَديثِ الَّذي لا يُعقَدُ عليهِ القَلبُ، وأيمانُ الكفَّارةِ على كُلِّ يَمينٍ حَلَفْتَ عليها على جِدٍّ مِنَ الأمرِ في غَضبٍ أو غَيرِه: لَتَفعَلنَّ أو لَتَتْرُكَنَّ، فذلكَ عَقدُ الأيمانِ فيها الكَفَّارةُ»، وكذا رَواهُ ابنُ وَهْبٍ عَنْ يُونسَ عَنِ الزُّهريِّ عَنْ عُروةَ عَنْ عائشةَ، وهذا مِنْ أصحِّ الأسانيدِ، وهذا يَدلُّ على


(١) رواه الدارقطني (٣٩٢٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>