للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَرأةُ فيهِ في حُكمِ مَنْ لم يَفعلَ شيئًا، بل قدْ جُعِلتْ في حُكمِ مَنْ قد فعَلَ فعلًا يَجبُ عليهِ الحُكمُ، ورُفعَ عنها الإثمُ في ذلكَ خاصَّةً، وكذلكَ لو أنَّ رَجلًا أكرَهَ رَجلًا على جِماعِ امرأةٍ اضطُرَّتْ إلى ذلكَ كانَ المَهرُ في النَّظرِ على المُجامِعِ لا على المُكرِهِ، ولا يَرجعُ بهِ المُجامِعُ على المُكرِهِ؛ لأنَّ المُكرِهَ لم يُجامِع فيَجبَ عليهِ بجِماعِه مَهرٌ، وما يَجبُ في ذلكَ الجِماعِ فهو على المُجامِعِ لا على غيرِهِ، فلمَّا ثبَتَ في هذهِ الأشياءِ أنَّ المُكرَهَ عليها مَحكومٌ عليهِ بحُكمِ الفاعِلِ، كذلكَ في الطَّواعيَةِ، فيُوجِبونَ عليهِ فيها مِنَ الأموالِ ما يَجبُ على الفاعِلِ لها في الطَّواعيَةِ، ثبَتَ أنَّه كذلكَ المُطلِّقُ والمُعتِقُ والمُراجِعُ في الاستِكراهِ، يُحكَمُ عليهِ بحُكمِ الفاعِلِ، فيُلزَمُ أفعالَهُ كلَّها.

فإنْ قالَ قائِلٌ: فلِمَ لا أَجزَتْ بَيعَه وإجارَتَه؟

قيلَ لهُ: إنَّا قَدْ رَأيْنا البُيوعَ والإجاراتِ قدْ تُرَدُّ بالعُيوبِ وبخِيارِ الرُّؤيةِ وبخيارِ الشَّرطِ، وليسَ النِّكاحُ كذلكَ ولا الطَّلاقُ ولا المُراجَعةُ ولا العِتقُ، فما كانَ قدْ يُنقَضُ بالخيارِ للشُّروطِ فيهِ وبالأسبابِ الَّتي في أصلِهِ مِنْ عَدمِ الرُّؤيةِ والرَّدِّ بالعيوبُ؛ نُقِضَ بالإكراهِ، وما لا يَجبُ نَقْضُه بشيءٍ بعْدَ ثُبوتِه لم يُنقَضْ بإكراهٍ ولا بغَيرِه، وهذا قولُ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ ومُحمدٍ ، وقَد رَأيْنا مِثلَ هذا قد جاءَتْ به السُّنَّةُ، وهوَ قولُ النَّبيِّ : «ثلاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ وهَزلُهنَّ جِدٌّ: النِّكاحُ والطَّلاقُ والرَّجعةُ»،

<<  <  ج: ص:  >  >>