للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقولِ عُثمانَ : «ليسَ لمَجنونٍ ولا لسَكرانَ طلاقٌ» (١).

وقالَ ابنُ عبَّاسٍ : «طلاقُ السَّكرانِ والمُستكرَهِ ليسَ بجائزٍ» (٢). ذكَرَهُما البُخاريُّ في صَحيحِه.

قالَ ابنُ المُنذِرِ : ثبتَ عَنْ عُثمانَ أنَّه لا يَقعُ طَلاقُه، ولا نَعلمُ أحدًا مِنَ الصَّحابةِ خالَفَه.

قالَ الإمامُ الطَّحاويُّ : طلاقُ السَّكرانِ غَيرُ جائزٍ، وهو مَذهبُ عُثمانَ بنِ عفَّانَ، ولا يَختلفُونَ فيمَن شَربَ البَنجَ فذهَبَ عَقلُه أنَّ طلاقَه غَيرُ جائِزٌ، وكذلكَ السَّكرانُ مِنَ الشَّرابِ، وعلى أنَّه لا تَختلِفُ أحكامُ فاقِدِ العَقلِ أنْ يكونَ ذَهابُ عَقلِه بسَببٍ مِنْ جِهتِه أو مِنْ جِهةِ اللهِ تعالى، ألَا تَرى أنَّه لا فَرْقَ بيْنَ مَنْ عَجزَ عَنْ القِيامِ في الصَّلاةِ بسَببٍ مِنْ قِبَلِ اللهِ تعالَى أو مِنْ قِبَلِ نَفسِه بأنْ يَكسرَ رِجلَ نَفسِه في بابِ سُقوطِ فَرضِ القِيامِ عنهُ.

فإنْ قيلَ: رُويَ عَنْ عليِّ أنَّه قالَ: «كلُّ طلاقٍ جائزٌ إلَّا طلاقَ المَعتوهِ».

قيلَ لهُ: السَّكرانُ مَعتوهٌ بسَكرِه كالمَجنونِ مَعتوهٌ بالجُنونِ والمُوسوسِ مَعتوهٌ بالوَسوسةِ (٣).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه البيهقي في «الكبرى» (٧/ ٣٥٩).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٥/ ٣٩) رقم (١٨٢٧٥)، والأثرُ علَّقَه البُخاريُّ (٩/ ٣٤٣) بصِيغةِ الجَزمِ.
(٣) «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٤٣١، ٤٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>