للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاءَ في «مُوطَّأ الإمامِ مالكٍ»: وحدَّثَني عَنْ مالكٍ أنَّهُ بلَغَه أنَّ سَعيدَ بنَ المُسيّبِ وسُليمانَ بنَ يَسارِ سُئِلا عن طلاقِ السَّكرانِ فقالا: إذا طلَّقَ السَّكرانُ جازَ طلاقُه، وإنْ قتَلَ قُتِلَ بهِ، قالَ مالِكٌ: وعلى ذلكَ الأمرُ عِندَنا (١).

وقالَ الإمامُ الشَّافعيُّ : ومَن شَربَ خَمرًا أو نَبيذًا فأسكرَهُ فطلَّقَ لَزمَه الطَّلاقُ والحُدودُ كلُّها والفَرائضُ، ولا تَسقطُ المَعصيةُ بشُربِ الخَمرِ والمَعصيةُ بالسُّكرِ مِنَ النَّبيذِ عنهُ فَرضًا ولا طلاقًا، فإنْ قالَ قائلٌ: فهذا مَغلوبٌ على عَقلِه، والمَريضُ والمَجنونُ مَغلوبٌ على عَقلِه، قيلَ: المَريضُ مَأجورٌ ومُكفَّرٌ عنهُ بالمَرضِ مَرفوعٌ عنهُ القَلمُ إذا ذهَبَ عَقلُه، وهذا آثِمٌ مَضروبٌ على السُّكرِ غَيرُ مَرفوعٍ عنهُ القَلمُ، فكيفَ يُقاسُ مَنْ عليهِ العِقابُ بمَن لهُ الثَّوابُ؟ والصَّلاةُ مَرفوعةٌ عمَّنَ غُلبَ على عَقلِه، ولا تُرفعُ عنِ السَّكرانِ، وكذلكَ الفَرائضُ مِنْ حَجٍّ أو صِيامٍ أو غيرِ ذلكَ (٢).

وذهَبَ أبو الوَليدِ الباجِي وابنُ رُشدٍ مِنَ المالكيَّةُ إلى أنَّ وُقوعَ طلاقِ السَّكرانِ إذا كانَ عِندَه تَمييزٌ، فأمَّا السَّكرانُ الَّذي لا يَعرفُ الأرضَ مِنَ


(١) «الموطأ» (٢/ ٥٨٨)، و «المدونة الكبرى» (٥/ ٢٤)، و «المعونة» (١/ ٥٦٥)، و «تفسير القرطبي» (٥/ ٢٠٤)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٤١، ٤٢)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٢٦٤)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٣١، ٣٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٤٦)، و «تحبير المختصر» (٣/ ١٣٧).
(٢) «الأم» (٥/ ٢٥٣)، و «الحاوي الكبير» (١٠/ ٣٣٥، ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>