الَّتي سمَّى، وفيما بيْنَه وبيْنَ اللهِ تعالَى لا تَطلُقُ واحِدةٌ منهُما، أمَّا الَّتي سمَّى فلأنَّه لم يُرِدْها، وأمَّا غَيرُها فلأنَّها لو طَلُقَتْ طَلُقَتْ بمُجرَّدِ النِّيةِ، قالَ في «فَتْح القَديرِ»: وأمَّا ما رَوى عَنهُما نُصيرٌ مِنْ أنَّ مَنْ أرادَ أنْ يَتكلَّمَ فجَرَى على لِسانِه الطَّلاقُ يَقعُ دِيانةً وقَضاءً؛ فلا يُعوَّلُ عليهِ. اه.
والحاصِلُ: أنَّ قَولُهم: «الصَّريحُ لا يَحتاجُ إلى النِّيةِ» إنَّما هو في القَضاءِ، أمَّا في الدِّيانةِ فمُحتاجٌ إليها، لكنَّ وُقوعَه في القَضاءِ بلا نيَّةٍ إنَّما هو بشَرطِ أنْ يَقصدَها بالخِطابِ، بدَليلِ ما قالُوا: لو كرَّرَ مَسائلَ الطَّلاقِ بحَضرةِ زَوجتِه ويقولُ: «أنتِ طالقٌ» ولا يَنوِي لا تَطلُقُ، وفي مُتعلِّمٍ يَكتبُ ناقِلًا مِنْ كِتابِ رَجلٍ قالَ ثمَّ يَقفُ ويَكتبُ:«امرأتِي طالقٌ» وكُلَّما كَتبَ قرَنَ الكِتابةَ باللَّفظِ بقَصدِ الحكايةِ؛ لا يَقعُ عَليهِ، وما في «القُنيَة»: امرأةٌ كَتبَتْ: «أنتِ طالقٌ» ثمَّ قالَتْ لزَوجِها: «اقرَأْ عليَّ» فقَرأَ؛ لا تَطلُقُ. اه.
وأمَّا ما في «فَتح القَديرِ»: ولا بُدَّ مِنَ القَصدِ بالخِطابِ بلَفظِ الطَّلاقِ عالِمًا بمَعناهُ، أو النِّسبةِ إلى الغائِبةِ كما يُفيدُه فُروعٌ وذكر ما ذكَرْناه؛ فليسَ بصَحيحٍ؛ لأنَّه إنْ كانَ شَرطًا للوُقوعِ قَضاءً ودِيانةً فليسَ بصَحيحٍ؛ لأنَّه صرَّحَ بالوُقوعِ قَضاءً فيمَن سبَقَ لسانُه، وإنْ كانَ شَرطًا للوُقوعِ دِيانةً لا قَضاءً فكذلكَ؛ لأنَّهُ يَقتَضي الوُقوعَ قَضاءً فيما لو كَرَّرَ مَسائلَ الطَّلاقِ بحَضْرتِها وفي المُتعلِّمِ، وليسَ كذلكَ، فالحقُّ ما اقتَصرْنا عَليه (١).
(١) «البحر الرائق» (٣/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «الأشباه والنظائر» ص (٢٤)، و «النهر الفائق» (٢/ ٣٢٥)، ويُنظر: «شرح فتح القدير» (٤/ ٤).