للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ عابدِينَ : لو سبَقَ لِسانُه مِنْ قولِ: «أنتِ حائضٌ» مثلًا إلى «أنتِ طالِقٌ» فإنَّه يَقعُ قَضاءً فَقطْ (١).

وقالَ الإمامُ الطَّحَاويُّ : مَنْ سبَقَه لِسانُه بالطَّلاقِ، قالَ أصحابُنا: يَقعُ في القَضاءِ فيما بَينَه وبيْنَ اللهِ، كذلكَ العِتقُ، وذكَرَ بِشرُ بنُ الوَليدِ عَنْ أبي يُوسفَ عَنْ أبي حَنيفةَ مثلَ ذلكَ، وقالَ فيمَن قالَ لامرأتِه: «طالقٌ» وأرادَ أنْ يَقولَ: «إنْ دخَلْتِ الدَّارِ» ثمَّ بدَا لهُ فسَكتَ أو شغَلَه شاغِلٌ، ونيَّتهُ «إنْ دخَلت الدَّارَ» ولكنَّهُ لم يَتكلَّمْ بهِ فالطَّلاقُ واقعٌ في القَضاءِ وفيما بيْنَه وبيْنَ اللهِ تعالَى في قولِ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ، ولو حلَفَ بحَجٍّ أو غَيرِه أو هَدْيٍ أو مَشيٍ أو عَهدٍ أو نَذرٍ أو ما سِوى ذلكَ ما خَلا الطَّلاقَ والعِتاقَ ثمَّ شَغلَه شاغِلٌ عن تَمامِ الكَلامِ واليَمينِ لم يَلزمْه شَيءٌ، ولو أرادَ أنْ يَتكلَّمَ بكَلامٍ غَيرِ الطَّلاقِ فسبَقَهُ لِسانُه فقالَ: «أنتِ طالِقٌ» طَلُقَتْ في القَضاءِ وفيما بيْنَه وبيْنَ اللهِ (٢).

وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ : وكذلكَ اختُلفَ في طلاقِ المُخطِئِ، فذهَبَ الجُمهورُ إلى أنَّهُ لا يَقعُ، وعنِ الحَنفيَّةِ ممَّن أرادَ أنْ يَقولَ لامرأتِهِ شَيئًا فسبَقَه لِسانُه فقالَ: «أنتِ طالِقٌ» يَلزمُه الطَّلاقُ، وأشارَ البُخاريُّ بقَولِه: الغَلط والنِّسيان إلى الحَديثِ الواردِ عَنْ ابنِ عبَّاسٍ مَرفوعًا: «إنَّ اللهَ تَجاوزَ عَنْ أمَّتي الخَطأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهُوا عليهِ»، فإنَّهُ سوَّى بيْنَ الثَّلاثةِ في


(١) «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٢٥٠).
(٢) «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>