للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنشاءً لإيقاعِ طلاقٍ، ومِنهُ كما هو ظاهِرٌ لو قيلَ لهُ وقَد تَنازَعَا في فِعلِه لشيءٍ الطَّلاقُ يَلزمُكَ ما فَعلْت كذا، فقالَ: نَعمْ أو نَحوَها فصَريحٌ في الإيقاعِ حالًا؛ لأنَّ نعَمْ ونَحوَه قائِمٌ مَقامَ طلَّقْتها.

وقيلَ: هو كِنايةٌ يَحتاجُ لِنيَّةٍ؛ لأنَّ (نعَم) ليسَتْ مِنْ صَرائحِ الطَّلاقِ، ويُرَدُّ بأنَّها وإنْ كانَتْ ليسَتْ صَريحةً فيهِ لكنَّهَا حاكِيةٌ لِمَا قبْلَها اللازم منهُ إفادتُها في مِثلِ هذا المَقامِ أنَّ المَعنَى «نَعمْ طَلَّقْتها»، ولصَراحتِها في الحِكايةِ تَنزَّلتْ على قَصدِ السَّائلِ، فكانَتْ صَريحةً في الإقرارِ تارةً، وفي الإنشاءِ أُخرَى، تَبعًا لقَصدِه.

فإنْ قالَ: «نعَمْ طلَّقتُ» فهوَ صَريحٌ قَطعًا، وإنِ اقتَصرَ على «طلَّقتُ» فقيلَ: هو كِنايةٌ؛ لأنَّ (نعَمْ) تَتعيَّنُ للجَوابِ، وقَولُه: «طلَّقتُ» مُستقِلٌّ بنَفسِه، فكأنَّهُ قالَ ابتِداءً: «طلَّقتُ» واقتَصرَ عليهِ، وهو لو قالَ ابتِداءً لَم يَقعْ عليهِ شيءٌ، وقِيلَ: كنَعَمْ.

ولو جَهلَ حالَ السُّؤالِ فالظَّاهرُ أنَّه استِخبارٌ؛ لأنَّ الإنشاءَ لا يُستفهَمُ عَنهُ.

قالَ الخَطيبُ الشّربينيُّ : لو قالَ شَخصٌ لآخَرَ: «فعَلْتَ كذا» فأنكَرَ، فقالَ: «إنْ كُنْتَ فَعلْتَ كذا فامرأتُكَ طالِقٌ» فقالَ: «نعَمْ» وكانَ قد فعَلَهُ لم يَقعِ الطَّلاقُ كما في فَتاوى القاضِي، وجعَلَهُ البَغويُّ استِدعاءَ طلاقٍ، فيكونُ كما لو قيلَ لهُ: «طلَّقتَ امرأتَكَ» مُستدعِيًا مِنهُ طَلاقَها فقالَ: «نَعمْ»، والأوَّلُ أوجَهُ، ولو قيلَ: «إنْ جاءَ زيدٌ فامرأتُكَ طالِقٌ»، فقالَ: «نَعمْ» لم يكنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>