للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعليقًا، ولو قيلَ لهُ: «ألَكَ زَوجةٌ؟ فقالَ: لَا» لَم تَطلُقْ وإنْ نَوَى؛ لأنَّهُ كَذبٌ مَحضٌ، وهذا ما نقَلَهُ في أصلِ «الرَّوضَة» عَنْ نَصِّ «الإملاء»، وقطَعَ بهِ كَثيرٌ مِنَ الأصحابِ.

ثمَّ ذكَرَ تَفقُّهًا ما حاصِلُه أنَّهُ كِنايةٌ على الأصحِّ، وبهِ صرَّحَ المُصنِّفُ في تَصحيحِه، وأنَّ لها تَحليفَهُ أنَّه لم يُرِدْ طلاقَها، وعليهِ جرَى الأَصْفونِيُّ والحِجازيُّ في اختِصارِهما كلامَ «الرَّوضة»، والأوَّلُ أوجَهُ كما جَرَى عليهِ ابنُ المُقْرِي في رَوضِهِ، ولو قيلَ لهُ: «أَطلَّقْتَ ثَلاثًا؟ فقالَ: قدْ كانَ بَعضُ ذلكَ» فليسَ إقرارًا بالطَّلاقِ؛ لاحتِمالِ جَريانِ تَعليقٍ أو وَعدٍ أو مُخاصَمةٍ تَؤُولُ إليهِ، فلو فَسَّرَ بشيءٍ مِنْ ذلكَ قُبِلَ.

ولو قالَ لزَوجتِهِ: «ما أنتِ لِي بشَيءٍ» كانَ لَغوًا لا يَقعُ بهِ طلاقٌ وإنْ نوَى، ولو قالَ: «امرأتِي طلَّقَها زَوجُها» ولَم تَتزوَّجْ غَيرَه طَلُقَتْ (١).

وشَبيهٌ بقولِ الحَنفيَّةِ والشَّافعيةِ قَولُ المالكيَّةِ، فقالَ الشَّيخُ مُحمَّد عليش : وإنْ أقَرَّ بمَحلوفٍ عليهِ ثمَّ رجَعَ صُدِّقَ في الفَتوى، ومنهُ رُجوعُه عنِ الإقرارِ بالطَّلاقِ أو الحَلِفِ (٢).

وقالَ الإمامُ الخرشيُّ : (ص) وإنْ أقَرَّ بفِعلٍ ثمَّ حلَفَ «ما فعلْتُ»


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ٥٣٠، ٥٣١)، ويُنظر: «النجم الوهاج» (٧/ ٥٨٥، ٥٨٦)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٥٧٠، ٥٧٢).
(٢) «فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك» (٢/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>