للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُئِلَ ابنُ عابدِينَ في «تَنقِيح الفَتاوَى الحامِديَّةِ» في رَجلٍ سُئِلَ عَنْ زَوجتِهِ فقالَ: «أنا طلَّقْتُها وعَدَّيْت عَنها» والحالُ أنَّهُ لم يُطلِّقْها، بلْ أخبَرَ كاذِبًا، فما الحُكمُ؟

(الجَوابُ): لا يُصدَّقُ قَضاءً، ويُدَيَّنُ فيمَا بيْنَهُ وبيْنَ اللهِ تعالَى، وفي «العَلائِيِّ عَنْ شَرحِ نَظمِ الوَهبانيَّةِ»: قالَ: «أنتِ طالِقٌ، أو أنتَ حرٌّ» وعنَى بهِ الإخبارَ كَذبًا وقَعَ قَضاءً إلَّا إذا أشهَدَ على ذلكَ. اه.

وفي «البَحر»: الإقرارُ بالطَّلاقِ كاذِبًا يَقعُ قَضاءً لا دِيانةً. اه.

وبمِثلهِ أفتَى الشَّيخُ إسماعيلُ والعلَّامةُ الخَيرُ الرَّمليُّ (١).

وأمَّا الشَّافعيةُ فقالَ شَيخُ الإسلامِ زَكريَّا الأنصاريُّ : وإنْ أقَرَّ بالطَّلاقِ كاذِبًا لَم تَطلُقْ زَوجتُهُ باطِنًا، وإنَّما تَطلُقُ ظاهِرًا (٢).

وللشَّافعيةِ تَفصيلٌ في ذلكَ، قالُوا: لَو قيلَ لهُ استِخبارًا: أَطَلَّقتَها - أي زَوجتَكَ-؟ فقالَ: «نَعمْ» أو مُرادِفَها كَ: «جَيْرِ، وأجَلْ، وإِي - بكَسرِ الهَمزةِ- وبَلَى» فإقرارٌ صَريحٌ بهِ -أي الطَّلاقِ-؛ لأنَّ التَّقديرَ: «نَعمْ طلَّقتُها»، فإنْ كانَ كاذِبًا فهي زَوجتُهُ باطِنًا، فإنْ قالَ: «أردتُ طلاقًا ماضِيًا ورَاجعْتُ فيهِ بعْدَه» صُدِّقَ بيَمينهِ؛ لاحتِمالِ ما يدَّعيهِ.

فإنْ قيلَ لهُ ذَلكَ -أي: أَطَلقْتَ زَوجتَكَ- الْتِماسًا -أي طَلبًا منهُ لا


(١) «تنقيح الفتاوى الحامدية» (١/ ٢٨٣).
(٢) «أسنى المطالب» (٣/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>