للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّلاقِ يَكونُ طلاقًا، حتَّى لا يُدَيَّنُ في قَولِه إنَّه مَا أرادَ بهِ الطَّلاقَ، وهذا اللَّفظُ في هاتَينِ الحالَتينِ لا يكونُ طلاقًا، حتَّى لَو قالَ: «ما أردتُ بهِ الطَّلاقَ» يُدَيَّنُ في القَضاءِ؛ لأنَّ هذا اللَّفظَ أُقيمَ مَقامَ التَّخليةِ، فكانَ أضعَفَ مِنَ التَّخليةِ، فلا تَعمَلُ فيهِ دَلالةُ الحالِ، ولم يُفرَّقْ بَينَهما فيما سِوى ذلكَ، حتَّى قالَ: إنْ نَوى بائِنًا يَكونُ بِائنًا، وإنْ نوَى ثلاثًا يكونُ ثلاثًا، كما لو قالَ: «خَلَّيتُ» ونَوى البائِنَ أو الثَّلاثَ، ولو نوَى اثنتَينِ يكونُ واحدةً، كما في قَولِه: «خَلَّيتُ»، إلَّا أنَّ هَهُنا يَكونُ واحدةً يَملكُ الرَّجعةَ، بخِلافِ لَفظةِ التَّخليَةِ؛ لِمَا بَيَّنا.

وقالَ أبو يُوسفَ: إذا قالَ: «بهشتم إن زن، أو قالَ: إن زن بهشتم» فهيَ طالقٌ، نَوَى الطَّلاقَ أو لم يَنوِ، وتكونُ تَطليقةً رَجعيَّةً؛ لأنَّ أبا يُوسفَ خالَطَ العَجَمَ ودَخلَ جُرْجَانَ فعَرَفَ أنَّ هذا اللَّفظَ في لُغتِهِم صَريحٌ، قالَ: وإنْ قالَ:» بهشتم» ولَم يَقُلْ: «إن زن»؛ فإنْ قالَ ذلكَ في حالِ سُؤالِ الطَّلاقِ أو في حالِ الغضَبِ فهي واحدةٌ يَملكُ الرَّجعةَ، ولا يُدَيَّنُ أنَّه ما أرادَ بهِ الطَّلاقَ في القَضاءِ، وإنْ قالَ في غَيرِ حالِ الغَضبِ ومُذاكرةِ الطَّلاقِ يُدَيَّنُ في القَضاءِ؛ لأنَّ مَعنَى قَولِهم بهشتم: خَلَّيْتُ، وليسَ في قولِه: «خَلَّيتُ» إضافةٌ إلى النِّكاحِ ولا إلى الزَّوجةِ، فلا يُحملُ على الطَّلاقِ إلَّا بقَرينةِ نيَّةٍ أو بدَلالةِ حالٍ، وحالُ الغَضبِ ومُذاكرةِ الطَّلاقِ دَليلُ إرادةِ الطَّلاقِ ظاهِرًا، فلا يُصدَّقُ في الصَّرفِ عنِ الظَّاهرِ، قالَ: وإنْ نَوَى بائنًا فبائنٌ، وإنْ نوَى ثلاثًا فثَلاثٌ؛ لأنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>