للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا اللَّفظَ وإنْ كانَ صَريحًا في الفارسيَّةِ فمَعناهُ التَّخليَةُ في العربيَّةِ، فكانَ مُحتمِلًا للبَينونةِ والثَّلاثِ كلَفظةِ التَّخليَةِ، فجازَ أنْ يُحملَ عَليهِ بالنِّيةِ.

وقالَ مُحمدٌ في قولَهِ «بهشتم إن زن، أو: إن زن بهشتم»: إنَّ هذا صَريحُ الطَّلاقِ، كما قالَ أبو يُوسفَ، وقالَ في قَولهِ «بهشتم»: إنَّهُ إنْ كانَ في حالِ مُذاكَرةِ الطَّلاقِ فكذلكَ، ولا يُدَيَّنُ أنَّهُ ما أرادَ بهِ الطَّلاقَ، وإنْ لَم يكنْ في حالِ مُذاكرَةِ الطَّلاقِ يُدَيَّنُ، سواءٌ كانَ في حالِ الغضَبِ أو الرِّضَا؛ لأنَّ معنَى هذا اللَّفظِ بالعربيَّةِ: «أنتِ مُخلَّاةٌ، أو قد خَلَّيتُكِ».

وقالَ زُفَرُ: إذا قالَ: «بهشتم» ونَوَى الطَّلاقَ بائنًا أو غَيرَ بائنٍ فهو بائنٌ، وإنْ نَوى ثلاثًا فثَلاثٌ، وإنْ نوَى اثنتَينِ فاثنَتانِ، وأجرَى هذهِ اللَّفظةَ مَجرَى قَولِه: «خَلَّيتُ»، ولَو قالَ: «خَلَّيتُكِ» ونَوَى الطَّلاقَ فهي واحدةٌ بائنةٌ، نوَى البَينونةَ أو لم يَنوِ، وإنْ نوَى ثلاثًا يكونُ ثلاثًا، وإنْ نَوى اثنتَينِ يَكونُ اثنتَين على أصلِه، فكذا هذا، هذا ما نُقِلَ عَنْ أصحابِنا في الطَّلاقِ بالفارسيَّةِ.

والأصلُ الَّذي عليهِ الفَتوى في زَمانِنا هذا في الطَّلاقِ بالفارِسيَّةِ أنَّه إنْ كانَ فيها لَفظٌ لا يُستعملُ إلَّا في الطَّلاقِ فذلكَ اللَّفظُ صَريحٌ يقَعُ بهِ الطَّلاقُ مِنْ غَيرِ نيَّةٍ إذا أُضيفَ إلى المرأةِ، مثلَ أنْ يَقولَ في عُرفِ دِيارِنا: «دها كنم»، أو في عُرفِ خُراسانَ والعراقِ: «بهشتم»؛ لأنَّ الصَّريحَ لا يَختلفُ باختِلافِ اللُّغاتِ، وما كانَ في الفَارسيَّةِ مِنَ الألفاظِ ما يُستعملُ في الطَّلاقِ وفي غَيرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>