للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا الحنفيَّةُ فقالَ ابنُ نُجيمٍ : وأفادَ بعَدمِ تَوقُّفِه على النِّيةِ أنَّهُ لا يُشترطُ العِلمُ بمَعناهُ، فلو لَقَّنتْه لفْظَ الطَّلاقِ فتَلفَّظَ بهِ غَيرَ عالِمٍ بمَعناهُ وقَعَ قَضاءً لا دِيانةً، وقالَ مَشايخُ أُوزْجَنْدَ: لا يَقعُ أصلًا؛ صِيانَةً لأملاكِ النَّاسِ عنِ الضَّياعِ بالتَّلبيسِ، كما في «البَدائِع» (١).

وقالَ ابنُ عابدينَ : لَو لَقَّنتْهُ لفْظَ الطَّلاقِ فتَلفَّظَ بهِ غَيرَ عالِمٍ بمَعناهُ فلا يقَعُ أصلًا على ما أفتَى بهِ مَشايخِ أُوزْجَنْدَ صِيانةً عَنْ التَّلبيسِ وغَيرُهِم مِنَ الوُقوعِ قَضاءً فقَطْ (٢).

وقالَ الإمامَ الكاسانِيُّ : وأمَّا الطَّلاقُ بالفارسيَّةِ فقَدْ رُويَ عَنْ أبيِ حَنيفةَ أنهُ قالَ في فارِسيٍّ قالَ لامرأتِهِ: «بهشتم إن زن، أو قالَ: إن زن بهشتم، أو قالَ: بهشتم»، لا يكونُ ذلكَ طلاقًا إلَّا أنْ يَنويَ بهِ الطَّلاقَ؛ لأنَّ مَعنَى هذا اللَّفظِ بالعَربيَّةِ خَلَّيْتُ، وقَولُهُ: «خَلَّيتُ» مِنْ كِناياتِ الطَّلاقِ بالعربيَّةِ، فكذا هذا اللَّفظُ، إلَّا أنَّ أبا حَنيفةَ فرَّقَ بيْنَ اللَّفظَينِ مِنْ وَجهَينِ:

أحدُهُما: أنَّهُ قالَ: إذا نَوَى الطَّلاقَ بقَولِهِ: «خَلَّيتُ» يَقَعُ بائِنًا، وإذا نَوى الطَّلاقَ بهذه اللَّفظةِ يقَعُ رَجعيًّا؛ لأنَّ هذا اللَّفظَ يَحتملُ أنْ يكونَ صَريحًا في لُغتِهِم، ويَحتملُ أنْ يكونَ كِنايةً، فلا تَثبتُ البَينونةُ بالشَّكِّ.

والثَّانِي: قالَ: إنَّ قولَه: «خَلَّيتُ» في حالِ الغضَبِ وفي حالِ مُذاكَرةِ


(١) «البحر الرائق» (٣/ ٢٧٧).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>