للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهِ مِنْ أهلِ الإرادةِ وإنْ لم يَكنْ لهُ فيهِ إرادةٌ؛ لأنَّهُ وإنْ لم يَعرفْ مَعناهُ فقدْ كانَ يَقدرُ على تَعرُّفِ مَعناهُ، ولأنَّنا لو أسقَطْنا عنهُ الطَّلاقَ لَسَوَّينا بيْنَ أنْ يُريدَ مُوجَبَه أو لا يُريدَ، وهُمَا لا يَستويانِ، وهكَذا العربيُّ إذا طلَّقَ بصَريحِ الأعجميَّةِ وهو لا يَعرفُ مَعناها كانَ على هذهِ الأقسامِ الثَّلاثةِ.

فلو أنَّ زَوجةَ الأعجَميِّ ادَّعَتْ عليهِ أنَّهُ يَعرِفُ معنَى الطَّلاقِ بالعربيَّةِ كانَ القَولُ فيهِ قولَ الزَّوجِ معَ يَمينِه، وكذلكَ زَوجةُ العَربيِّ لوِ ادَّعَتْ عَليهِ أنَّهُ يَعرفُ الطَّلاقَ بالأعجميَّةِ كانَ القَولُ قَولَه معَ يَمينِه (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : فَصلٌ: فإنْ قالَ الأعجَميُّ لامرَأتِه: «أنتِ طالِقٌ» ولا يَفهمُ مَعناهُ لم تَطلُقْ؛ لأنَّهُ ليسَ بمُختارٍ للطَّلاقِ، فطلاقُهُ كالمُكرَهِ، فإنْ نَوَى مُوجَبَه عِنْدَ أهلِ العَربيَّةِ لم يَقَعْ أيضًا؛ لأنَّهُ لا يَصحُّ مِنهُ اختِيارُ ما لا يَعلمُه، ولذلكَ لو نطَقَ بكَلمةِ الكُفرِ مَنْ لا يَعلمُ مَعناها لم يَكفُرْ.

ويَحتمِلُ أنْ تَطلُقَ إذا نَوَى مُوجَبَها؛ لأنَّهُ لفَظَ بالطَّلاقِ ناوِيًا مُوجَبَه، فأشبَهَ العربيَّ، وكذلكَ الحُكمُ إذا قالَ العَربيُّ: «بهشتم» وهوَ لا يَعلَمُ مَعناها (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (١٠/ ٢٢٧)، و «المهذب» (٢/ ٧٨)، و «البيان» (١٠/ ٧٤).
(٢) «المغني» (٧/ ٣٠٣، ٣٠٤)، و «الكافي» (٣/ ١٦٦)، و «المحرر في الفقه» (٢/ ٥٤)، و «المبدع» (٧/ ٢٧٥)، و «الإنصاف» (٨/ ٤٧٥، ٤٧٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٨٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>