للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّلاقِ بالأقراءِ، فإذا انقَضَتْ عدَّتُها لم تَرثْ؛ لأنَّ بقاءَ العِدَّةِ مِنْ بقايا عَلَقِ النِّكاحِ وأحكامِهِ، فتَبِعَها الإرثُ وسقَطَ بانقِضائِها.

والقولُ الثَّانِي -وهوَ مَذهبُ الحَنابلةِ-: أنَّها تَرِثُه ما لَم تَتزوَّجْ، فإنْ تَزوَّجتْ لم تَرثْ؛ لأنَّ تَزويجَها رِضًا مِنها بطلاقِهِ.

والقولُ الثَّالثُ -وهوَ مَذهبُ المالكيَّةِ: أنَّها تَرِثُه وإنْ تَزوَّجَتْ؛ لأنَّهُ حَقٌّ لها، فلَم يَسقُطْ بالتَّزويجِ كسائِرِ الحُقوقِ (١).

القولُ الرَّابعُ: قولُ الحَنابلةِ في المَذهبِ، قالُوا: الزَّوجُ إذا طلَّقَ زَوجَتَهُ طَلقةً بائِنةً غَيرَ رَجعيَّةٍ في مرَضِ مَوتِهِ المَخُوفِ فإنَّها تَرثُ مِنهُ ما لَم تَتزوَّجْ أو تَرتدَّ، سواءٌ طالَتِ المُدَّةُ أم قَصُرَتْ، فإنْ تزوَّجَتْ فلا تَوارُثَ بيْنَهما؛ لأنَّها فَعلَتْ باختيارِها ما يُنافي نِكاحَ الأوَّلِ فلَم تَرثْهُ، ولِمَا رَوى أبو سَلمةَ بنُ عَبدِ الرَّحمَنِ «أنَّ أباهُ طلَّقَ أمَّهُ وهوَ مَريضٌ فماتَ فوَرثَتْه بعْدَ انقِضاءِ العدَّةِ» (٢).

ولأنَّ سبَبَ تَوريثِها فِرارُهُ مِنْ ميراثِها، وهذا المَعنَى لا يَزولُ بانقِضاءِ العدَّةِ.


(١) «الحاوي الكبير» (١٠/ ٢٦٤، ٢٦٦)، و «نهاية المطلب» (١٤/ ٢٣٠، ٢٣٣)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٣٧١، ٣٧٢)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٥١٥)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٢٨٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٧٨)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٤٠٥)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٥٢٤)، و «الديباج» (٣/ ٤٢٤).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن أبي شيبة في «أخبار المدينة» (٢/ ١٠٢) رقم (١٦٦٩)، والشافعي «المسند» (١/ ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>