للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : وهوَ قولُ جابرِ بنِ زَيدٍ والنَّخَعيِّ وأبي حَنيفةَ والشَّافعيِّ وأكثرِ أهلِ العِلمِ، قالَ أحمدُ: قالَ جَابرُ بنُ زَيدٍ: لا ميراثَ لها ولا عِدَّةَ عَليها، قالَ الحسَنُ: تَرثُ، قالَ أحمَدُ: أذهَبُ إلى قَولِ جابرٍ؛ وذلِكَ لأنَّ اللهَ تعالَى نَصَّ على تَنصيفِ الصَّداقِ ونَفيِ العدَّةِ عَنْ المُطلَّقةِ قبْلَ الدُّخولِ بقولِهِ تعالَى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، وقالَ تعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب: ٤٩]، ولا يَجوزُ مُخالَفةُ نصِّ الكِتابِ بالرَّأيِ والتَّحكُّمِ.

وأمَّا المِيراثُ فإنَّها ليسَتْ بزَوجةٍ ولا مُعتدَّةٍ مِنْ نِكاحٍ، فأشبهَتِ المُطلَّقةَ في الصحَّةِ، واللهُ أعلَمُ.

ولو خَلا بها وقالَ: «لَمَّا أَطأْها» وصدَّقَتْه فلَها المِيراثُ وعَليها العدَّةُ للوَفاةِ ويَكمُلُ لها الصَّداقُ؛ لأنَّ الخَلوةَ تكفِي في ثُبوتِ هذهِ الأحكامِ، وهذا قَولُ أبي حَنيفةَ وأصحابِهِ (١).

وقالَ ابنُ الهُمامِ الحَنفيُّ : لو طلَّقَ امرَأتَهُ الَّتي لَم يَدخُلْ بها في مرَضٍ ماتَ فيهِ لا تَرثُ؛ لأنَّها لا عِدَّةَ عَليها مِنْ ذلكَ الطَّلاقِ (٢).

وقالَ الإمامُ الشَّافعيُّ : وإنْ طلَّقَها قبْلَ أنْ يَمسَّها فأيُّهما قَلتَ


(١) «المغني» (٦/ ٢٦٩))، و «المبدع» (٦/ ٢٤٢)، و «الإنصاف» (٧/ ٣٥٦، ٣٥٧).
(٢) «شرح فتح القدير» (٤/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>