للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هيَ آخِرُ طلاقِها، فوَرَّثَها عُثمانُ مِنهُ، ولَم يُنكِرْ ذلكَ عَليهِ أحَدٌ، ولأنَّهَا مُطلَّقةٌ في المَرضِ كالَّتي لَم تَأذنْ، ولأنَّ الإنسانَ قد يُضيِّقُ على زَوجَتِه حتَّى تَسألَهُ الخُلعَ، فحُسِمَ البابُ بتَوريثِها، ولأنَّ الإذْنَ في إخراجِها مِنَ الميراثِ بعْدَ ثُبوتِ سَببِه لا يُؤثِّر كما لَو قالَتْ: لَستُ أَرِثُكَ.

وإنْ ماتَتْ هي لَم يَرِثْها؛ لأنَّها لَم تُخرِجْه هيَ عَنِ الميراثِ، وليسَتْ مَحجُورًا عَليها لأجلِهِ، فافتَرقَ بحُكمِ مَوتِه ومَوتِها.

وعدَّتُها عدَّةُ طلاقٍ؛ لأنَّها قَدْ بانَتْ مِنهُ بالطَّلاقِ دُونَ المَوتِ، وإنَّما قَطَعَ المَرضُ مِنْ أحكامِ المَبتُوتَةِ انتِفاءَ الإرثِ فقَطْ (١).

القَول الثَّالثُ: قولُ الشَّافعيةِ في الأظهَرِ وهوَ المَذهبُ الجَديدُ، قالُوا: الزَّوجُ إذا طلَّقَ زَوجَتَه طلاقًا بائِنًا في مَرضِ مَوتِهِ ثمَّ ماتَ فلا تَرِثُ منهُ زَوجَتُه؛ سَواءٌ سألَتْه الطَّلاقَ أو لَم تَسألْهُ؛ لأنَّها فُرقةٌ تَقطعُ إرثَهُ مِنها، فوجَبَ أنْ تَقطعَ إرثَها مِنهُ، أصلُهُ الفُرقةُ في الصِّحَّةِ، ولأنَّهُ إرثٌ يَنقطِعُ بالفُرقةِ في حالِ الصِّحةِ فوجَبَ أنْ يَنقطِعَ بالفُرقةِ في حالِ المَرضِ، أصلُهُ إرثُ الزَّوجِ؛ لأنَّ الإجماعَ مُنعقِدٌ على أنَّ الزَّوجَ لا يَرثُها وإنْ ماتَتْ في العِدَّةِ، ولا بعْدَ انقِضاءِ العدَّةِ إذا طلَّقَها ثلاثًا وهو صَحيحٌ أو مَريضٌ، فكذلكَ الزَّوجةُ لا تَرثُه.


(١) «عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة» (٢/ ٥٢٤)، و «الجامع لمسائل المدونة» (١٠/ ٧١٦، ٧١٧)، و «المعونة على مذهب عالم المدينة» (١/ ٥٢٧، ٥٢٨)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٢٩٤، ٢٩٧)، و «الكافي» ص (٢٧٠، ٢٧١)، و «الاستذكار» (٦/ ١١٢، ١١٦)، و «القوانين الفقهية» ص (١٥١، ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>