يَتبَرَّعَ بإخراجِ جُزءٍ زائِدِ على ثُلثِهِ لحَقِّ الوَرثةِ، فأَولَى أنْ يُمنعَ مِنْ إسقاطِ بَعضِهم جُملةً.
ولأنهُ ﷺ لمَّا منَعَ المَريضَ مِنَ الحُكمِ في ثُلثَي مالِهِ المَورُوثِ بما يُنقصُ ورَثتَه منهُ؛ كانَ مَمنُوعًا أنْ يُدخلَ عَليهِم وارثًا، أو يُخرجَ مِنهُم وارثًا، ولمَّا منَعَ الرَّسولُ ﷺ القاتِلَ المِيراثَ بما أحدَثَ مِنَ القتْلِ انبغَى أنْ لا يَكونَ المَريضُ مانِعًا لزَوجتِهِ المِيراثَ بما أحدَثَ منَ الطَّلاقِ، ولا فرْقَ بيْنَ وارثَينِ أحدُهُما يَدخُلُ في الميراثَ بوجهٍ فيُمنَعُ مِنْ أجلِهِ، وآخرُ قدْ أُخرجَ بمِثلِ ذلكَ الوَجهِ؛ لأنَّ القاتِلَ أرادَ أنْ يَستوجِبَ بفِعلِه حقًّا لم يَجِبْ لهُ بعْدُ، فمُنِعَه، وكذلكَ المَريضُ أرادَ أنْ يَمنعَ بفعلِهِ حقًّا عَنْ مَنْ وجَبَ لهُ فمُنِعَه، وكما لم يكُنْ للمَريضِ أنْ يُدخِلَها في الميراثِ بتَزويجِه إيَّاها فيهِ؛ كانَ كذلكَ لا يُخرِجُها مِنَ الميراثِ بطلاقِها فيهِ.
وقدْ قضَى بهِ عُثمانُ ﵁ بمَحضَرِ المُهاجرِينَ والأنصارِ، وقالَهُ عُمَرُ وعليُّ بنُ أبي طالِبٍ ﵄.
إلَّا أنَّهُ إذا صحَّ مِنْ مرَضِه ثمَّ ماتَ فلا تَرِثُه على أيِّ وجْهٍ كانَ؛ لأنَّهُ إذا صَحَّ فقَدْ زالَ الحَجرُ عنهُ، كمَنْ طلَّقَ في الصِّحَّةِ.
ولَو سألَتْهُ الطَّلاقَ وهوَ مَريضٌ فطَلَّقَها أو خالَعَها وَرثَتْهُ؛ لأنَّ عُثمانَ ﵁ حكَمَ بذلكَ في تُماضِرَ بنتِ الأصبغِ زَوجةِ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ، وكانَتْ عِندَهُ على طَلقَةٍ، فسألَتْهُ في شكوَتِهِ الَّذي ماتَ فيهِ أنْ يُطلِّقَها تَطليقةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute