ولأنَّ للنِّكاحِ أحكامًا مِنْ طلاقٍ وظِهارٍ وإيلاءٍ وتَحريمٍ للجَمْعِ بيْنَها وبيْنَ أُختِها وخالَتِها وعمَّتِها وثُبوتِ الميراثِ وعدَّةِ الوفاةِ، فلمَّا انتَفَى عن هذهِ المَبتُوتةِ في حالِ المَرضِ أحكامُ النِّكاحِ مِنْ غَيرِ الميراثِ؛ انتَفَى عَنها أحكامُ النِّكاحِ في المِيراثِ.
وتَحريرُهُ قياسًا: أنَّهُ حكمٌ يَختصُّ بالنِّكاحِ، فوجَبَ أنْ يَنتفِيَ عن المَبتوتةِ في المرَضِ كسائِرِ الأحكامِ، ولأنَّ فسْخَ النِّكاحِ في المرَضِ سَببٌ مِنْ جهَتِها كالرِّدَّةِ والرَّضاعِ يَمنعُ ميراثَهُ مِنها، وإنْ تَوجَّهَتِ التُّهمةُ إليهِما جَميعًا بيْنَ وُجودِه في الصِّحَّةِ والمرَضِ، وجَبَ أنْ يكونَ وُجودُ الفُرقةِ مِنْ جهَتِه يَمنَعُ ميراثَها منهُ؛ تَسويةً بيْنَ الصِّحَّةِ والمَرضِ.
ولأنَّ هذا قولُ عَبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ، قالَ الإمامُ الشَّافعيُّ: أخبَرَنا عَبدُ المَجيدِ عَنْ ابنِ جُريجٍ عَنْ أبي مُلَيكةَ أنَّهُ سَألَ ابنَ الزُّبيرِ عنِ المرأةِ يُطلِّقُها الرَّجلُ فيبُتُّها ثُمَّ يَموتُ وهي في عدَّتِها، فقالَ ابنُ الزُّبيرِ: طلَّقَ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ تُماضِرَ بنتَ الأَصبغِ الكَلبيَّةَ فبَتَّها، ثمَّ ماتَ وهي في عِدَّتها، فورَّثَها عُثمانُ، فقالَ ابنُ الزُّبيرِ: «فأمَّا أنا فلا أرَى أنْ تَرثَ مَبتوتةٌ» (١). وهو صحابيٌّ مِنْ أهلِ الاجتِهادِ، لا سيِّمَا في أيَّامِ عُثمانَ ﵁.
وفي قولٍ للشَّافِعيةِ أنَّ مَوتَ الزَّوجِ في مرَضِ مَوتِهِ المَخُوفِ لا يَقطعُ التَّوارُثَ، فتَرثُه زَوجتُه؛ لأنَّهُ مُتَّهَمٌ بدَفعِ الإرثَ، كما يُحجَبُ القاتِلُ؛ لأنَّهُ
(١) «الأم» (٥/ ٢٢٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute