للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَهبَ الحنابلَةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الصَّبيَّ الَّذي يَعقِلُ الطَّلاقَ ويَعلمُ أنَّ زَوجتَهُ تَبِينُ بهِ وتَحرمُ عَليهِ يَقعُ طلاقُه؛ لقَولِه : «يا أيُّها النَّاسُ ما بالُ أحدِكُم يُزوِّجُ عبْدَه أمَتَه ثُمَّ يُريدُ أنْ يُفرِّقَ بيْنَهما، إنَّما الطَّلاقُ لمَن أخَذَ بالسَّاقِ» (١). وقولِهِ: «كلُّ طلاقٍ جائزٌ إلَّا طلاقَ المَعتوهِ المَغلوبِ على عَقلِه» (٢).

ورُويَ عن عَليٍّ أنَّهُ قالَ: «اكتُمُوا الصِّبيانَ النّكاحَ» (٣)، فيُفهَمُ منهُ أنَّ فائِدَتهُ أنْ لا يُطلِّقُوا، ولأنَّهُ طلاقٌ مِنْ عاقِلٌ صادَفَ مَحلَّ الطَّلاقِ فوقَعَ كطلاقِ البالِغِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وأكثرُ الرِّواياتِ عن أحمدَ تَحديدُ مَنْ يقَعُ طلاقُهُ مِنَ الصِّبيانِ بكَونِهِ يَعقلُ، وهو اختِيارُ القاضي، ورَوى عن أحمَدَ أبو الحارِثِ: إذا عَقلَ الطَّلاقُ جازَ طلاقُهُ ما بيْنَ عَشرٍ إلى اثنَتَي عَشرةَ، وهذا يَدلُّ على أنَّهُ لا يَقعُ لِدُونِ العَشرِ، وهو اختِيارُ أبي بَكرٍ؛ لأنَّ العَشرَ حدٌّ للضَّربِ على الصَّلاةِ والصِّيامِ وصِحَّةِ الوَصيَّةِ، فكذلِكَ هذا، وعَن سَعيدِ بنِ المُسيّبِ: إذا أحصَى الصَّلاةَ وصامَ رَمضانَ جازَ طَلاقُهُ، وقالَ عَطاءٌ: «إذا


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه ابن ماجه (٢٠٨١).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الترمذي (١١٩١)، وقالَ: لا نَعرِفُه مَرفُوعًا إلَّا مِنْ حَديثِ عَطاءِ ابنِ عَجلانَ، وعَطاءُ بنُ عَجلانَ ضَعيفٌ.
(٣) رواه ابن أبي شيبة (١٧٩٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>