للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أنَّهم اختَلفُوا في الصَّبيِّ إذا كانَ يَعقِلُ الطَّلاقَ ويَعلَمُ أنَّ زَوجتَهُ تَبِينُ بهِ وتَحرمُ عُليهِ، هل يقَعُ طلاقُهُ أم لا؟

فذَهبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحنفيَّةُ والمالكيَّةُ والشَّافعيةُ والحنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّهُ يُشتَرَطُ البلوغُ لصِحَّةِ الطَّلاقِ، فلا يقَعُ طلاقُ الصَّبيِّ تَعليقًا ولا تَنْجيزًا وإنْ كانَ يَعقِلُ مَعناهُ؛ لأنَّ الطَّلاقَ لم يُشرَعْ إلَّا عِنْدَ خُروجِ النِّكاحِ مِنْ أنْ يَكونَ مَصلحةً، وإنَّما يُعرَفُ ذلكَ بالتَّأملِ، والصَّبيُّ لاشتِغالِه باللَّهوِ واللَّعبِ لا يَتأمَّلُ فلا يَعرِفُ، ولقَولِ النَّبيِّ : «رُفعَ القلَمُ عَنْ ثلاثةٍ … وعَن الصَّبيِّ حتَّى يَحتَلِمَ» (١)، ولأنَّهُ غَيرُ مُكلَّفٍ فلَم يَقعْ طلاقُهُ كالمَجنونِ، ولا يَتوقَّفُ الطَّلاقُ على بُلوغِهِ، حتَّى لو أجازَهُ لا يقَعُ، إلَّا أنْ يُنشِئَ طلاقًا، وكذا لو علَّقَ الطَّلاقَ بأنْ قالَ وهوَ مُراهِقٌ: «إنْ بلَغْتُ فأنتِ طالِقٌ» فبَلَغَ فلا يقَعُ طلاقُهُ (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: وقد تقدم.
(٢) «المبسوط» (٦/ ٥٣)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ١٠٠)، و «الهداية» (١/ ٢٢٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٩٨)، و «الاختيار» (٣/ ١٥٥)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٤٨٧)، و «العناية شرح الهداية» (٥/ ١٨٤)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٢٤٥)، و «المدونة الكبرى» (٥/ ٢٥)، و «الكافي» (٢٦٢)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٤١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٤٦)، و «تحبير المختصر» (٣/ ١٣٧)، و «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٢٨٨)، و «الأم» (٥/ ٢٥)، و «الإشراف لابن المنذر» (٥/ ٢٢٥)، و «البيان» (١٠/ ٦٨)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٣٢٣)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٤٧٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>