للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلَغَ أنْ يُصيبَ النِّساءَ»، وعَن الحسَنِ: «إذا عَقَلَ وحَفظَ الصَّلاةَ وصامَ رَمضانَ»، وقالَ إسحاقُ: «إذا جاوَزَ اثنَتَي عَشرَةَ».

فَصلٌ: ومَن أجازَ طلاقَ الصَّبيِّ اقتَضَى مَذهبُهُ أنْ يَجوزَ تَوكيلُهُ فيهِ وتَوكُّلُه لغَيرِه، وقَد أومَأَ إليهِ أحمدُ فقالَ في رَجلٍ قالَ لِصَبيٍّ: «طلِّقِ امرَأتي» فقالَ: «قدْ طلَّقتُكِ ثلاثًا» لا يَجوزُ عَليها حتَّى يَعقِلَ الطَّلاقَ، فقِيلَ لهُ: فإنْ كانَتْ لهُ زَوجةٌ صَبيَّةٌ فقالَتْ: «صَيِّرْ أمرِيِ إليَّ» فقالَ لها: «أمرُكِ بيَدكِ» فقالَتْ: «قدِ اختَرتُ نفسِي»، فقالَ أحمَدُ: ليسَ بشَيءٍ حتَّى يَكونَ مِثلُها يَعقِلُ الطَّلاقَ، وقالَ أبو بَكرٍ: لا يَصحُّ أنْ يُوكِّلَ حتَّى يَبلُغَ، وحكاهُ عَنْ أحمَدَ.

ولنا: إنَّ مَنْ صَحَّ تَصرُّفُه في شَيءٍ ممَّا تَجوزُ الوكالةُ فيهِ بنَفسِه صَحَّ تَوكِيلُهُ ووكالَتُه فيهِ كالبالِغِ، وما رُويَ عَنْ أحمَدَ مِنْ منْعِ ذلكَ فهوَ على الرِّوايةِ الَّتي لا تُجيزُ طلاقَهُ إنْ شاءَ اللهُ تعالَى (١).

وقَد حكى ابنُ رُشدٍ ذلكَ رِوايةً عَنْ مَالكٍ، فقالَ : وأمَّا طلاقُ الصَّبيِّ فإنَّ المَشهورَ عن مالِكٍ أنَّهُ لا يَلزَمُه حتَّى يَبلغَ، وقالَ في «مُختَصر ما ليسَ في المُختَصرِ»: إنَّهُ يَلزمُه إذا ناهَزَ الاحتِلامَ، وبهِ قالَ أحمدُ بنُ حَنبلَ إذا


(١) «المغني» (٧/ ٢٩٠، ٢٩١)، ويُنظر: «شرح الزركشي» (٢/ ٢٦٤)، و «الإنصاف» (٧/ ٣٣١)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٦٧، ٢٦٨)، و «شرح منتهى الإردات» (٥/ ٣٦٤)، و «منار السبيل» (٣/ ٨٢، ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>