يَصُبُّ رَأسَه ولا يُقنِعُ مُعتَدِلًا، ثم يَقولُ: سمِع اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَيَرفَعُ يَديهِ حتى يُحَاذِيَ بِهمَا مَنكِبَيهِ حتى يَقِرَّ كلُّ عَظمٍ إلى مَوضِعِه، ثم يَهوِي إلى الأرضِ، وَيُجَافِي بينَ يَديهِ عن جَنبَيهِ، ثم يَرفَعُ رَأسَه وَيَثنِي رِجلَه اليُسرَى فَيَقعُدُ عليها وَيَفتَخُ أَصَابِعَ رِجلَيهِ إذا سجدَ، ثم يَسجُدُ، ثم يُكبِّرُ وَيَجلِسُ على رِجلِه اليُسرَى حتى يَرجِعَ كلُّ عَظمٍ منه إلى مَوضِعِه، ثم يَقومُ فَيَصنَعُ في الرَّكعَةِ الأُخرَى مثلَ ذلك» (١). وقيلَ: إنَّ الإمامَ أحمدَ رَجعَ إلى هذا القولِ وتركَ القولَ الأوَّلَ.
قالَ الخلَّالُ: رَجعَ أبو عَبد اللهِ إلى هذا. يَعني تركَ قولَه بتَركِ الجُلوسِ.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وقيلَ: إن كانَ المُصلِّي ضَعيفًا جلسَ لِلِاستِراحةِ؛ لِحاجَتِه إلى الجُلوسِ، وإن كانَ قَويًّا لم يَجلِس؛ لِغِناه عنه، وحُمِلَ جُلوسُ النَّبيِّ ﷺ على أنَّه كانَ في آخرِ عُمُرِه عندَ كِبَرِه وضَعفِه، وهذا فيه جَمعٌ بينَ الأخبارِ، وتَوسُّطٌ بينَ القولَينِ.
والسُّنةُ عندَ المالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ أن يَنهَضَ مُعتَمِدًا على يَديهِ من على الأرضِ؛ لِحَديثِ أبي قِلابةَ قالَ: جاءَنَا مَالِكُ بنُ الحُوَيرِثِ فصلَّى بنَا في مَسجدِنَا هذا، فقالَ: إنِّي لَأُصَلِّي بِكم وما أُرِيدُ الصَّلاةَ، وَلَكِن أُرِيدُ أن أُرِيكم كَيفَ رَأيتُ النَّبيَّ ﷺ يُصلِّي. قالَ أَيُّوبُ: فقُلتُ لأَبي قِلابةَ: وَكَيفَ كانَت صَلاتُه؟ قالَ: مثلَ صَلاةِ شَيخِنَا هذا. يَعني عَمرَو بنَ سَلمةَ، قالَ أَيُّوبُ: وكانَ ذلك الشَّيخُ يُتمُّ التَّكبيرَ «وإذا رفعَ رَأسَه عن