للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرجِعُ مِنْ السُّجودِ بتَكبيرٍ، ثم لا يُكبِّرُ تَكبيرةً أُخرى لِلقيامِ، قالوا: فلو كانَتِ القَعدةُ مَسنونةً لَكانَ الانتِقالُ منها إلى القِيامِ بالذِّكرِ كسائرِ أحوالِ الانتِقالِ.

ولأنَّه نُهوضٌ إلى القيامِ، لم يكن مِنْ سُنَّتِه أن يَفصِلَ بينَهما بفِعلٍ غيرِه، أصلُه النُّهوضُ مِنْ الجُلوسِ إلى الرَّكعةِ الثالِثةِ، ولأنَّه انتِقالٌ من رُكنٍ إلى رُكنٍ يُخالِفُه، فلم يُسنُّ فيه جَلسةٌ تَفصِلُ بينَهما، كالانتِقالِ مِنْ القِيامِ إلى السُّجودِ (١).

وذَهب الشافِعيَّةُ في الأصَحِّ عندَهم والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ اختارَها الخلَّالُ إلى أنَّه يُسنُّ بعدَ السَّجدةِ الثانيةِ جَلسةُ الاستِراحةِ مِنْ كلِّ رَكعةٍ تَقومُ عنها؛ لمَا رَواه مالِكُ بنُ الحُوَيرِثِ، وفيه: «أنَّه إذا رفعَ رَأسَه عن السَّجدَةِ الثَّانيَةِ جلسَ وَاعتَمدَ على الأرضِ، ثم قامَ» (٢).

وفي رِوايةٍ عن مالِكِ بنِ الحُوَيرِثِ «أنَّه رَأى النَّبيَّ يُصلِّي، فإذا كانَ في وِترٍ مِنْ صَلاتِه لم يَنهَض حتى يَستَويَ قاعِدًا» (٣).

وعن أبي حُمَيدٍ في صِفةِ صَلاةِ النَّبيِّ وفيه: « … وَيَرفَعُ يَديهِ حتى يُحاذِيَ بِهمَا مَنكِبَيهِ، ثم يَركَعُ وَيَضَعُ رَاحَتَيهِ على رُكبتَيهِ، مُعتَمِدًا لَا


(١) «شَرح معاني الآثار» (٢/ ٦٥)، و «تبيين الحقائق» (١/ ١١٩)، وابن عابدين (١/ ٣٤٠)، و «التَّمهيد» (١٩/ ٢٥٤، ٢٥٥)، و «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٨١، ٢٨٢) (١٩٨)، و «القوانين الفقهية» (٦٨)، و «نهاية المحتاج» (١/ ٥١٨)، و «مُغني المحتاج» (١٧٧١)، و «المجموع» (٣/ ٤٠٣)، و «المغني» (٢/ ٨١، ٨٣).
(٢) رَواه البخاري (٧٩٠).
(٣) رَواه البخاري (٧٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>