للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّتي لِأبي داودَ فضَعيفةٌ؛ رَواها أيُّوبُ السِّخْتيانِيُّ عنْ قومٍ مَجهُولِينَ عن طاوسٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ، فلا يُحتَجُّ بها، واللهُ أَعلمُ (١).

والصَّحيحُ أنَّ هذا الإجماعَ غَيرُ ثابِتٍ، فقَدْ نقَلَ الطَّحاويُّ والماوَرْديُّ وابنُ رُشدٍ والنَّوويُّ وغَيرُهم عَنْ جَماعةٍ مِنْ العُلماءِ أنَّهُ لا يقَعُ إلَّا واحدةٌ، وهؤلاءِ كَانوا قبْلَ ابنِ تَيميةَ بزَمَنٍ، فهذا يَدلُّ على أنَّ المسألَةَ غَيرُ مُجمَعٍ عليها، وإنَّما القَدْرُ المُجمَعُ عليهِ هوَ أنَّهُ لَو طلَّقَ ثلاثَةً أنَّ الطَّلاقَ واقِعٌ، لكنْ هلْ يقَعُ واحدةٌ أم ثَلاثٌ؟ فالإجماعُ مُنعقِدٌ عِنْدَ أهلِ السُّنَّةِ على الوُقوعِ، لكنَّ الخِلافَ حاصلٌ هلْ يقَعُ واحدةٌ أم ثَلاثٌ؟ أمَّا الَّذينَ قالُوا أنَّهُ لا يقَعُ مُطلَقًا لا واحدةٌ ولا ثَلاثٌ فهوَ الَّذي قالَ عنهُ أهلُ العِلمِ: هذا قَولُ المُبتدِعةِ.

وأما القياس: فإنَّهُ طلاقٌ وقَعَ في طُهرٍ لم يُجامِعْها فيهِ، فوجَبَ أنْ يكُونَ مُباحًا كالطَّلقَةِ الأُولَى، ولأنَّ كلَّ طلاقٍ جازَ تَفريقُهُ جازَ جمْعُهُ، أصلُهُ طَلاقُ الزَّوجاتِ يَجوزُ أنْ يَجمعَهنَّ في الطَّلاقِ وأنْ يُفرِّقَهنَّ، ولأنَّ كلَّ طلاقٍ جازَ تَفريقُهُ في الأَطْهارِ جازَ إيقاعُهُ في طُهرٍ، أصلُهُ إذا طلَّقَ في طُهرٍ ثمَّ راجَعَ فيهِ ثمَّ طلَّقَها فيهِ ثمَّ راجَعَ ثمَّ طلَّقَها فيهِ، ولأنَّ الثَّلاثَ لَفظٌ يَقطعُ الرَّجعَةَ فجازَ إيقاعُهُ في طُهرٍ لا جِماعَ فيهِ كالواحِدةِ بعْدَ اثنتَينِ أو كالخُلعِ (٢).


(١) «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ٧٠، ٧٢).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٠/ ١١٧، ١٢١)، و «نهاية المطلب» (١٤/ ١٢)، و «البيان» (١٠/ ٨٠، ٨٢)، و «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ١٢٢)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٥٥٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٥٠٣، ٥٠٤)، «المغني» (٧/ ٢٨١، ٢٨٢)، و «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٣١٤)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>