للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَتوَى في أمصارِ المُسلمِينَ، وإنَّما تعلَّقَ برِوايةِ طاوسٍ أهلُ البِدعِ، فلَم يَرَوُا الطَّلاقَ لازِمًا إلَّا على سُنَّتِه، فجَعلُوا مُخالِفَ السُّنَّةِ أخفَّ حالًا فلَم يُلزِمُوهُ طَلاقًا، وهذا جَهلٌ واضِحٌ؛ لأنَّ الطَّلاقَ ليسَ مِنْ القُرَبِ إلى اللهِ تعالَى فلا يقَعُ إلَّا على سُنَّتِهِ، إلى خِلافِ السَّلفِ والخلَفِ الَّذينَ لا يَجوزُ عليهِم تَحريفُ السُّنَّةِ ولا الكِتابِ.

وممَّنْ قالَ بأنَّ الثَّلاثةَ في كَلمةٍ واحدِةٍ تَلزمُ مُوقِعَها ولا تَحلُّ لهُ امرأتُهُ حتَّى تَنْكِحَ زَوجًا غيْرَهُ مالِكٌ وأبو حَنيفةَ والشَّافعيُّ وأصحابُهم والثَّوريُّ وابنُ أبي لَيلَى والأوزاعيُّ واللَّيثُ بنُ سَعدٍ وعُثمانُ البَتيُّ وعُبيدُ اللهِ بنُ الحسَنِ والحسَنُ بنُ حيٍّ وأحمَدُ بنُ حَنبلٍ وإسحاقُ بنُ راهويهِ وأبو ثَورٍ وأَبو عُبيدٍ ومُحمدُ بنُ جريرٍ الطَّبريُّ.

وما أَعلمُ أحدًا مِنْ أهْلِ السُّنَّةِ قالَ بغَيرِ هذا إلَّا الحجَّاجَ بنَ أَرطأةَ ومحمَّدَ بنَ إِسحاقَ، وكلاهُما ليسَ بِفَقيهٍ، ولا حُجَّةَ فيما قالَهُ (١).

وقالَ الإمامُ محمَّدُ بنُ نَصرٍ المروزِيُّ : لا اختِلافَ بينَ أهْلِ العِلمِ أنَّها إذا كانَتْ مَدخُولًا بها فَقالَ لها: «أنتِ طالِقٌ أنتِ طالِقٌ أنتِ طالِقٌ» سكَتَ أو لَم يَسكُتْ فيمَا بيْنَهُما عَنها طالِقٌ ثلاثًا، إلَّا أنْ يُريدَ تَكرارَ الكَلامِ بقَولِه الثانيةَ الثَّالثةَ، واللهُ أَعلمُ (٢).


(١) «الاستذكار» (٦/ ٨، ٩).
(٢) «اختلاف العلماء» ص (١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>