للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفقُوا على أنَّ الطَّلاقَ الثَّلاثَ بكلمةٍ واحدةٍ أو بِكَلماتٍ في حالَةٍ واحدَةٍ أو في طُهرٍ واحِدٍ يَقعُ، ولَم يختَلفُوا فيهِ (١).

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : أمَّا حُكمُ طلاقِ البدعَةِ فهوَ أنَّهُ واقِعٌ عندَ عامَّةِ العُلماءِ، وقالَ بعضُ النَّاسِ أنَّهُ لا يَقعُ، وهوَ مذهَبُ الشِّيعةِ أَيضًا.

وجهُ قولِهمْ: أنَّ هَذا الطَّلاقَ مَنهيٌّ عنهُ لِمَا ذكَرْنا مِنَ الدَّلائلِ فَلا يكونُ مَشروعًا، وغَيرُ المَشروعِ لا يكونُ مُعتبَرًا في حَقِّ الحُكمِ، ولأنَّ اللهَ تَعالى جَعلَ لنا وِلايةَ الإيقاعِ على وجْهٍ مَخصُوصٍ، ومَن جُعِلَ لهُ ولايةُ التَّصرُّفِ على وَجهٍ لا يَملكُ إيقاعَهُ على غَيرِ ذلكَ الوجهِ، كالوَكيلِ بالطَّلاقِ علَى وَجهِ السُّنَّةِ إذا طلَّقَها للبِدعةِ أنَّهُ لا يَقعُ؛ لِمَا قُلنَا، كذا هذا.

ولنا: ما رُويَ عَنْ عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ أنَّ بعضَ آبائِهِ طلَّقَ امرأتَهُ أَلفًا فذُكِرَ ذلكَ للنَّبيِّ فقالَ : «بانَتْ بالثَّلاثِ في مَعصيةٍ، وتسعُمِائةٍ وسَبعةٌ وتِسعُونَ فيما لا يَملِكُ».

ورويَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّهُ قالَ: إنَّ أَحدَكُم يَركَبُ الأُحمُوقَةَ فيُطلِّقُ امرأتَهُ أَلفًا ثمَّ يأتِي فيَقولُ: يا ابنَ عبَّاسٍ يا ابنَ عبَّاسٍ، وإنَّ اللهَ تَعالى قالَ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢)﴾ وإنَّكَ لم تَتَّقِ اللهَ فلا أَجِدُ لكَ مَخرَجًا، بانَتِ امرأتُكَ وعَصيتَ رَبَّكَ.

ورَوَينَا عَنْ عُمرَ أنَّه كانَ لا يُؤتَى بِرَجلٍ قد طلَّقَ امرأتَهُ ثلاثًا إلَّا


(١) «الإفصاح» (٢/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>