للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الوَزيرُ ابنُ هُبَيرةَ : واتَّفقُوا على أنَّ الطَّلاقَ في الحَيضِ لِمَدخولٍ بها والطُّهرِ المُجامَعِ فيهِ مُحرَّمٌ، إلَّا أنَّهُ يقَعُ (١).

وقالَ الإمامُ أبو بَكرٍ الجَصَّاصُ : دَلالةُ الآيةِ والسُّنَّةِ والاتِّفاقِ يُوجِبُ إيقاعَ الطَّلاقِ في الحَيضِ وإنْ كانَ مَعصيةً (٢).

وقالَ ابنُ عبدِ البرِّ : الطَّلاقُ في الحَيضِ لازِمٌ لِمَنْ أَوقعَه، وإنْ كانَ فاعِلُه قَدْ فعَلَ ما كُرِهَ لهُ؛ إذْ ترَكَ وجْهَ الطَّلاقِ وسُنَّته، والدَّليلُ على أنَّ الطَّلاقَ لازِمٌ في الحَيضِ أمْرُ رَسولِ اللهِ ابنَ عُمرَ بمُراجَعةِ امرأتِه إذْ طلَّقَها حائِضًا، والمُراجَعةُ لا تكونُ إلَّا بعْدَ لُزومِ الطَّلاقِ، ولو لم يكنِ الطَّلاقُ في الحَيضِ واقِعًا ولا لازِمًا ما قالَ لهُ: «راجِعْها»؛ لأنَّ مَنْ لَم يُطلِّقْ ولَم يقَعْ عَليها طَلاقٌ لا يُقالُ فيهِ راجِعْها؛ لأنَّهُ مُحالٌ أنْ يُقالَ لرَجلٍ امرأتُه في عِصمتِه لَم يُفارِقْها: «راجِعْها»، ألَا تَرَى إلى قَولِ اللهِ ﷿ في المُطلَّقاتِ: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾، ولم يَقُلْ هذا في الزَّوجاتِ اللَّاتي لَم يَلحقْهُنَّ الطَّلاقُ، وعلى هذا جَماعةُ فُقهاءِ الأمْصارِ وجُمهورُ عُلماءِ المُسلمِينَ، وإنْ كانَ الطَّلاقُ عِنْدَ جَميعِهم في الحَيضِ بدعَةً غيْرَ سُنَّةٍ؛ فهوَ لازِمٌ عِنْدَ جَميعِهم، ولا مُخالِفَ في ذلكَ إلَّا أهلُ البدَعِ والضَّلالِ والجَهلِ، فإنَّهم يَقولُونَ: «إنَّ الطَّلاقَ لغَيرِ السُّنةِ غَيرُ واقِعٍ ولا لازِمٍ»، ورُويَ مِثلُ ذلكَ


(١) «الإفصاح» (٢/ ١٦٧)، و «جواهر العقود» (٢/ ١٠٣).
(٢) «أحكام القرآن» (٢/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>