للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجعةِ وحُكمِ العِدَّةِ ووُقُوعِ الطَّلاقِ في الحَيضِ، ولَم يَتأوَّلُوا هذا التَّأويلَ، فبطَلَ بالإجماعِ.

ورَوى الحسَنُ عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ عُمرَ قالَ: «طلَّقْتُ امرَأتِي وهِي حائِضٌ طلقَةً وأرَدتُ أنْ أُتبِعَها طَلقتَينِ، فسَألْتُ النَّبيَّ عَنْ ذلكَ فقالَ: راجِعْها، قُلتُ: أَرأيتَ لَو طَلَّقتُها ثلاثًا؟ قالَ: كُنْتَ قَدْ أَبَنْتَ زَوجتَكَ وعَصَيتَ رَبَّكَ» (١)، وهذا نَصٌّ في وُقوعِ الطَّلاقِ في الحَيضِ لا يَتوجَّهُ عليه ذلكَ التَّأويلُ المَعلُولُ.

ومِنَ القِياسِ أنَّه طلاقُ مُكلَّفٍ صادَفَ مِلكًا، فوجَبَ أنْ يَنعقِدَ كالطَّاهِرِ، ولأنَّ رفْعَ الطَّلاقِ تَخفيفٌ ووُقوعَهُ تَغليظٌ؛ لأنَّ طَلاقَ المجنُونِ لا يقَعُ تَخفيفًا، وطَلاق السَّكرانِ يقَعُ تَغليظًا؛ لأنَّ المجنُونَ ليسَ بعاصٍ، والسَّكران عاصٍ، فكانَ المُطلِّقُ في الحَيضِ أَولَى بوُقوعِ الطَّلاقِ تَغليظًا مِنْ رَفْعِه عنهُ تَخفيفًا، ولأنَّ النَّهيَ إذا كانَ لمَعنًى ولا يَعودُ إلى المَنهيِّ عنهُ لَم يكنِ النَّهيُ مُوجِبًا لفَسادِ ما نُهِيَ عنهُ، كالنَّهيِ عنِ البَيعِ عندَ نِداءِ الجمُعَةِ لا يُوجِبُ فَسادَ البَيعِ (٢).

وقَد نقَلَ عَددٌ كَبيرٌ مِنَ العُلماءِ الإجماعَ على حُرمةِ الطَّلاقِ في الحَيضِ أو في الطُّهرِ الَّذي جامَعَها فيهِ.


(١) منكر: رواه الدارقطني (٣٩٧٤)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٤٧١٦).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٠/ ١١٥، ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>