للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لابنِ عُمرَ: أَجعَلَ ذلكَ طلاقًا؟ قالَ: «إنْ كانَ ابنُ عمُرَ عجَزَ واستَحمَقَ فما يَمنَعُه أنْ يكونَ طَلاقًا؟»، وقولُه: «فَمَهْ؟» استِفهامٌ، كأنَّهُ قالَ: فما يكونُ إنْ لَم يَحتَسبْ بتلكَ التَّطليقةِ؟ (١).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : ودَليلُنا ما رَواهُ الشَّافعيُّ عَنْ مالكٍ عَنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمرَ: «أنَّهُ طلَّقَ امرأتَهُ وهيَ حائِضٌ في عَهدِ رَسولِ اللهِ ، فسَألَ عُمرُ بنُ الخَطَّابِ رَسولَ اللهِ عَنْ ذلكَ فقالَ: «مُرْهُ فلْيُراجِعْها ثمَّ يُمسِكْها حتَّى تَطهُرَ ثمَّ تَحيضَ ثمَّ تَطهُرَ، ثمَّ إنْ شاءَ أَمسكَ بعْدُ وإنْ شاءَ طلَّقَ قبْلَ أنْ يَمَسَّ، فتلكَ العدَّةُ الَّتي أمَرَ اللهُ تعالَى أنْ يُطلَّقَ لها النِّساءُ» (٢)، فمَوضِعُ الدَّليلِ منهُ أنَّ أمْرَهُ بالرَّجعَةِ مُوجِبٌ لِوُقوعِ الطَّلاقِ؛ لأنَّ الرَّجعةَ لا تكونُ إلَّا بعْدَ الطَّلاقِ.

فإنْ قِيلَ: أمْرُهُ بالرَّجعةِ إنَّما هو أمْرٌ برَدِّها إليهِ.

قُلنا: هذا تأويلٌ فاسِدٌ مِنْ وُجوهٍ:

أحَدُها: أنَّ الرَّجعةَ بعْدَ ذكْرِ الطَّلاقِ تَنصرِفُ إلى رَجعةِ الطَّلاقِ.

والثَّاني: أنَّه ما ذكَرَ إخراجَها فيُؤمَرُ برَدِّها، وإنَّما ذكَرَ الطَّلاقَ فكانَ مُنصرِفًا إلى رَجعتِها.

والثَّالثُ: أنَّ المُسلِمينَ جعَلُوا طَلاقَ ابنِ عُمرَ هذا أصلًا في طلاقِ


(١) «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٣٨٤، ٣٨٥)، ويُنظَر: «فتح الباري» (٩/ ٣٥١، ٣٥٣).
(٢) حديثٌ صَحِيحٌ: وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>