للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾، فهَذا ذكرهُ لِغايَةِ نَفقةِ الحَمْلِ، وإلَّا فقَدْ بيَّنَ عدَّةَ الحامِلِ بقولِهِ: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾، وقَولِه بعْدَ ذلكَ: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾، وقَد ثبَتَ بالإجماعِ أنَّ أُجرةَ الرَّضاعِ نَفقةُ الولَدِ، وهي تَجبُ للنَّسبِ لا للنِّكاحِ، فدَلَّ ذلكَ على أنَّ نَفقةَ الحامِلِ لذلكَ.

ولهذا كانَ أصَحُّ القولَينِ أنَّ نَفقةَ الحامِلِ تَجبُ للحَمْلِ، وحُكمُها حُكمُ نَفقةِ الولدِ الَّتي تَجبُ على والدهِ، وهَذا مَذهبُ مالكٍ وأحمَدَ في أظهَرِ الرِّوايتَينِ عنهُ والشَّافعيِّ في أحَدِ قولَيهِ، ومَن قالَ: «إنَّها تَجبُ للزَّوجةِ مِنْ أجْلِ الحَمْلِ» فكَلامُه مُتناقِضٌ لا يُعقَلُ.

الخامِسُ: أنَّه قالَ: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١)﴾، وهوَ كما قالَ غَيرُ واحِدٍ مِنَ الصَّحابةِ: «فأيُّ أمْرٍ يَحدُثُ بعْدَ الثَّلاثِ»، فإنَّ اللهَ ذكَرَ هذا ليُبيِّنَ أنَّه قد يَحدُثُ بعْدَ رَغبةٍ في الزَّوجةِ ونَدمٍ على الطَّلاقِ، فيكونُ لهُ سُبيلٌ إلى رَجعتِها.

السَّادِسُ: أنَّه قالَ في سِياقِ الآيةِ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢)﴾، وقَد قالَ الصَّحابةُ لِمَنْ طلَّقَ ثلاثًا: «لوِ اتَّقَيْتَ اللهَ لَجَعلَ لكَ فرَجًا ومَخرَجًا»، فعُلمَ أنَّ جامِعَ الثَّلاثِ لَم يتَّقِ اللهَ.

السَّابعُ: أنَّهُ قالَ: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾، والإشهَادُ إنَّما يُؤمَرُ بهِ في حُكمِ الطَّلاقِ الرَّجعيِّ، وهوَ واجِبٌ على الرَّجعةِ في أحَدِ القولَينِ، ويُستَحبُّ في الآخَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>