للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدَهُ أمرًا، وبأنَّه إذا بلغَتِ المرأةُ أجَلَها فإمَّا أنْ يُمسِكَ بمَعروفٍ أو يُسرِّحَ بمَعروفٍ، فلم يُطلِّقِ الطَّلاقَ الَّذي أمَرَ اللهُ بهِ.

الثَّالِثُ: أنَّهُ أمَرَ بإحصاءِ العدَّةِ وأنْ يَتَّقِي اللهَ، وأمَرَ إذا بلغْنَ أجلَهنَّ أنْ يُمسِكَ بمَعروفٍ أو يُسرِّحَ بمَعروفٍ، وهذا لا يحتاجُ إليهِ في الثَّلاثِ، فإنَّ الثَّلاثَ إنَّما يحتاجُ إلى إحصاءِ العدَّةِ لتَحلَّ لغَيرهِ، لا لأجلِ إمساكِهِ وتَسريحِه.

الرَّابعُ: أنَّهُ قالَ: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾، وهذا حُكمُ المُطلَّقةِ الرَّجعيَّةِ، فإنَّ زوْجَها أحقُّ بها ما دامَتْ في العدَّةِ، فليسَتْ كالزَّوجةِ مِنْ كلِّ وجهٍ، ولا كالبائِنِ مِنْ كلِّ وجهٍ، بخِلافِ الزَّوجةِ؛ فإنَّ لها أنْ تخرُجَ بإذنِ زوْجِها، والبائنُ لزَوْجِها أنْ يُخرجَها بلا إذنِها، فإنَّها لا تَستحِقُّ عليهِ السُّكنى ولا النَّفقةَ، إلَّا أنْ يَختارَ هوَ أنْ يُحصنَها؛ فلهُ إِلزامُها بالسُّكنى لحَقِّه في العدَّةِ، وقد دلَّ على ذلكَ سنَّةُ رَسولِ اللهِ الصَّحيحةُ في فاطمةَ بنتِ قيسٍ حيثُ قالَ لهَا: «ليسَ لكِ سُكنى ولا نفقةٌ»، ولم يُعارِضْ ذلكَ أحَدٌ بمُعارَضةٍ صحيحةٍ، فإنَّ القُرآنَ لا يُخالِفَ ذلكَ بل يُوافِقُه، فإنَّ اللهَ قالَ: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾، والضَّميرُ عائِدٌ على ما تَقدَّمَ، وهيَ الرَّجعيَّةُ، وما ذكَرَه في الحامِلِ والمُرضِعِ، فبَيَّنَ فيهِ أنَّ النَّفقةِ حِينَئذٍ لأجْلِ الحَمْلِ لا لأجْلِ النِّكاحِ، ولهذَا قالَ: ﴿حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>