فلهذا جَاءَ الحديثُ بهذا القَيدِ، مع أننا نقولُ: لا يَمنَعُ من استِعمالِه أو مِنْ إطلاقِه في غيرِ يَومِ القِيامةِ، لكنَّنا لا نَنسَى أنَّ هذا اللَّفظَ إنما جَاءَ في مَعرِضِ يَومِ القِيامةِ، فإنَّ ليَومِ القِيامةِ تلك الحالةَ المَخصوصةَ التي تختَلِفُ عن حالِ الدُّنيا، ولهذا فَهِمَ الصحابةُ -رِضوانُ اللهِ عليهم- أنَّهم لا يتخذونَ هذا اللَّقبَ دائمًا، وكذلك العلماءُ مِنْ بَعدِهم. وأيضًا إذا قيلَ: إنه ﷺ سيدُ المرسلينَ، فهو يختلفُ عن قولِنا: إنه سيِّدُنا، لأن المرسلينَ هم أفضلُ البَشَرِ وأعلاهم درجةً ورُتبةً وشَرَفًا، فتفضيلُ النبيِّ ﷺ على المرسلينَ بأنه سيِّدُ المرسلينَ، تفضيلٌ واضحٌ، بخِلافِ ما إذا قال العامِّيُّ من الناسِ: سيِّدُنا، فقد يُفهَمُ منها ما يُستَخدمُ عادةً لِلعُظماءِ أو للأمراءِ، أو للملوكِ، ولهذا إذا قالَ فلانٌ: سيدُ العلماءِ الشَّافِعِيُّ، وسيدُ المحدِّثينَ الإمامُ أَحمدُ، ففيه مَيزةٌ. لكننا لو قُلنا: سيدنا الإمامُ أَحمدُ، فإن هناكَ فرقًا بَينَ هذا وهذا، وإذا قُلنا: فلانٌ سيدُهم أو أميرُ المؤمنينَ في الحديثِ، فهذا تفضيلٌ، فلو فَكَّرنا في هذه الأُمورِ بعَقلٍ صائِبٍ سليمٍ مُتَّزِنٍ، لوَجَدنا أنَّ ما وردَ في حَقِّه ﷺ هو: أوَّلًا: أنَّه المُتَّبَعُ الذي يَجِبُ أن يُطاعَ. وثانيًا: أنَّ الأليَقَ والذي فيه تَوقيرٌ وتَعظيمٌ له ﷺ أكثَرُ، أن نقولَ: إنه عَبد اللهِ، ورسولُه ﷺ.