والآخَرُ: امتِناعُ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ﵁ عن مَحوِ اسمِ النَّبيِّ ﷺ مِنْ الصَّحيفةِ في صُلحِ الحُدَيبِيَةِ: فعنِ البَراءِ بنِ عازِبٍ قالَ: «اعتَمرَ النَّبيُّ ﷺ في ذِي القَعدَةِ، فَأَبَى أَهلُ مكَّةَ أَنْ يَدعُوهُ يَدخلُ مَكَّةَ حتى قاضَاهُم على أَنْ يُقِيمَ بها ثَلاثةَ أَيَّامٍ، فلمَّا كَتَبُوا الكتابَ كَتَبُوا: هذا ما قاضَى عليه مُحمَّدٌ رَسولُ اللهِ ﷺ، فَقالُوا: لَا نُقِرُّ بها، فلَو نَعلمُ أَنَّكَ رَسولُ اللهِ ما مَنَعنَاكَ، لَكِن أنتَ مُحمدُ بنُ عَبد اللهِ، قالَ: أنا رَسولُ اللهِ، وأنا مُحمدُ بنُ عَبد اللهِ. ثم قالَ لِعَلِيٍّ: امحُ رَسولَ اللهِ. قالَ: لَا واللهِ، لَا أَمحُوكَ أَبَدًا. فَأَخذَ رَسولُ اللهِ ﷺ الكتابَ فَكَتَبَ: هذا ما قاضَى عليه مُحمدُ بنُ عَبد اللهِ … » الحَديثَ (١). وكِلَا الحَديثَينِ في الصَّحِيحَينِ، فتَقريرُه ﷺ لهما على الامتِناعِ مِنْ امتِثالِ الأمرِ؛ تَأدُّبًا، مُشعِرٌ بأوَّلِيَّتِه.
وذَهب المالِكيَّةُ والخَطيبُ الشِّربِينِيُّ والحافِظُ ابنُ حَجرٍ مِنْ الشافِعيَّةِ إلى أنَّه لا يُستحبُّ ذِكرُها؛ لأنَّ فيه الامتِثالَ لمَا وردَ عنه ﷺ في غيرِ زِيادةٍ في الأذكارِ والألفاظِ المَأثُورةِ عنه.
وقد تَوَقَّفَ في ذلك الإسنَوِيُّ مِنْ الشافِعيَّةِ، حيثُ قالَ ﵀: قد اشتُهِرَ زِيادةُ: «سيِّدِنا» قبلَ مُحمدٍ، عندَ أكثرِ المُصلِّينَ، وفي كَونِ ذلك أفضَلَ نَظرٌ، وفي حِفظِي أنَّ الشَّيخَ عِزَّ الدِّينِ بَناه على أنَّ الأفضَلَ سُلوكُ الأدَبِ أم امتِثالُ الأمرِ، فعلى الأوَّلِ يُستحبُّ دونَ الثاني. اه.